بعد صمود دام لأكثر من 11 شهرا، في وجه تمرد مليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح، وتكبيد المليشيات خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، اضطر رجال المقاومة الشعبية في منطقة الشعاور والأهمول التابعة لمديرية حزم العدين، غرب محافظة إب، للانسحاب من مواقعهم، بعد نفاد ذخيرتهم وأسلحتهم الشخصية التي واجهوا بها المليشيات منذ أغسطس من العام 2015م.
قلة الإمكانيات
وأرجعت قيادات في مقاومة المنطقة، في تصريحات لـ"يمن شباب نت" سبب انسحاب المقاتلين الذي أدى إلى سقوط المنطقة بيد المليشيات، إلى انعدام الإمكانات وقلة الدعم وعدم اهتمام التحالف والشرعية، وخذلان المجلس العسكري التابع للمحافظة، والحكومة الشرعية وقيادة التحالف، لمقاومة الشعاور، التي ظلت تقاتل لأكثر من 11 شهرا بجهود ذاتية، وبأسلحة شخصية، دون أن يقدم لها أي دعم يذكر يمكنها من الصمود.
وتعد عزلتي الشعاور والأهمول التابعتان لمديرية حزم العدين، والمحاذيتان لمديرية حبيش من جهة الشرق ومديرية القفر من جهة الشمال ومديرية وصاب التابعة لمحافظة ذمار ومن الغرب محافظة الحديدة، مخزون كبير للمقاتلين، ويقاتل كثير منهم في جبهات المقاومة بمحافظات تعز ومأرب والجوف والضالع ونهم صنعاء وبقية الجبهات، وعقب سيطرة مليشيات الحوثي وصالح على محافظة إب بقيت الشعاور والأهمول المنطقتان الوحيدتان خارج سيطرة تلك المليشيات.
وشهدت المنطقة منذ أربعة أيام مواجهات هي الأعنف منذ بدء الحرب مع مليشيا صالح والحوثي، سقط فيها قرابة 42 قتيلا من المليشيات، وعشرات الجرحى، وتمكن خلالها رجال المقاومة من صد الهجمات المتتالية، والمدعمة بتعزيزات عسكرية مكثفة، وأطلقت نداءات ومناشدات للحكومة الشرعية والتحالف بإسنادها إلا أن مناشدتها ذهبت أدراج الرياح، الأمر الذي أجبرها على الانسحاب من مواقعها.
وشرعت مليشيا الحوثي وصالح كعادتها عقب اقتحام أحد قرى عزلة الشعاور بتفجير بعض منازل المواطنين ومن بينها منزل القيادي البارز في المقاومة الشيخ فيصل الشعوري والذي كان قد تعرض لقصف عنيف في أكتوبر 2015م وفجرت منزلين آخريين آخر في المنطقة.
يقول الشيخ حزام الهاملي، أحد قيادات مقاومة الشعاور والأهموال، أن رجال المقاومة تصدوا للمليشيات وقوات المخلوع لأكثر من 11شهرا، وسطروا ملاحم بطولية، وكبدوها خسائر فادحة وهزائم متكررة طوال الفترة الماضية، وأن ماحدث مؤخرا هو بسبب خذلان التحالف والمجلس العسكري والجهات المختصة لنا ولتضحياتنا.
وأضاف الهاملي في تصريح لـ"يمن شباب نت" أن المليشيات عززت بقوة عسكرية كبيرة، وأسلحة حديثة، وشنت هجوما من كل الجهات على المقاومة، التي لا تملك إلا أسلحة خفيفة، وقصفت القرى والمنازل بأسلحتها المتنوعة والثقيلة، وتزامن ذلك مع غياب الدعم، وغياب طيران التحالف، الأمر الذي أضطر المقاومة للانسحاب، ومكن المليشيات من دخول المنطقة.
ترتيبات لاستعادتها
وأكد أنهم على استعداد كبير لاسترداد المنطقة من أيدي المليشيات، في حال وجد الدعم الكافي الذي يمكنهم من إخراج هذه المليشيات من المديرية والمحافظة بشكل كامل، شرط مساندة الطيران وتكثيف غاراته الجوية، موضحا أن عدد المنازل الذي فجرتها المليشيات حتى كتابة التقرير، بلغت ثلاثة منازل، ومازالت تواصل البحث عن منازل القيادات لتفجيرها.
ووجه الشيخ الهاملي رسالة إلى الحكومة والتحالف، مفادها" لولا تخاذلكم ونسيان الجبهة وعدم الشعور بالمسئوولية، لما تراجعت المقاومة، وعليكم إمدادنا بالسلاح وجميع احتياجات الجبهة، لكي نستعيد أرضنا من أيادي المليشيات التي عبثت بها وبرجالها الأحرار.
من جهته قال الصحفي محمود الحمزي، من أبناء محافظة إب، أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها بأن عزلة الشعاور والأهمول سطرت خلال عام مسيرة نضالية مرصعة بالبطولة والفداء والتضحية الوطنية، ضد جبروت وصلف مليشيا الحوثي وصالح والتي انتهكت الحقوق والحريات العامة والخاصة والتي زادت حدتها بمحافظة إب منذ سيطرتها على المحافظة منتصف أكتوبر 2014م.
وأضاف الحمزي في تصريح لـ"يمن شباب نت" أن صمود مسلحي المقاومة بالشعاور والأهمول منذ أغسطس 2015م وتصديهم للمليشيا وتعزيزاتها وقصفها المكثف على المدنيين، يؤكد أن أولئك الأبطال قدموا ما يمكن أن نسميه بالملاحم البطولية والصمود الأسطوري، خصوصا وأن إمكانياتهم محدودة للغاية، ويعانون من قلة الدعم وعدم اهتمام الشرعية والتحالف بالجبهة المنسية في المناطق الوسطى.
وتابع "خلال الأيام الماضية قدم للمنطقة تعزيزات ضخمة وغير مسبوقة من صنعاء وعمران وصعدة وتصدى مسلحو المقاومة لهم وأثخنوا فيهم قتلا من خلال تصديهم لتلك التعزيزات، وعندما نفذت ذخيرتهم انسحبوا من مواقعهم كاشفين ورائهم مواقف الحكومة والشرعية التي خذلتهم طيلة عام.
خسائر فادحة
وعن عدد القتلى منذ بدء المعارك، قال الحمزي أنه منذ قدوم المليشيات سقط منهم مابين 250 إلى 300 قتيل ومئات الجرحى، فيما ارتقى قرابة 30 شهيدا من أبناء المنطقة الذين صمدوا صمود الأبطال، واستمر صمودهم أكثر من العاصمة السياسية صنعاء وكل مدن الشمال، وهم لا يمتلكون سوى أسلحتهم الشخصية وأسلحة خفيفة ومتوسطة غنموها من خصومهم من المليشيا، حسب قوله.
وحمل الحمزي الحكومة الشرعية وقيادات التحالف العربي مسؤولية سقوط المنطقة بيد المليشيات، الذي لولاء خذلانهم ونسيانهم للجبهة المقاومة طيلة عام، لما حدث ما حدث، ومطالبا إياهم بتصحيح الخطأ، وتقديم الدعم اللازم للمقاومة في تلك الجهة، لاستعادتها من أيدي المليشيات التي بدأت تعيث في الأرض الفساد.
الجدير أن مقاومة الشعاور والأهمول تمكنت الأسبوع الماضي من القبض على خلية حوثية، بينها قيادي رفيع، كانت تخطط لعمليات اغتيالات بحق قيادات المقاومة، وفقا بلاغ صدر عن المقاومة حينها، ورفضت إغراءات كبيرة مقابل إطلاق سراحها، ولم يعرف مصير الخلية عقب سقوط المنطقة في أيدي المليشيات.
وبدأت المواجهات المسلحة في المنطقة مطلع أغسطس من العام 2015، إثر نزول حملة أمنية كبيرة تابعة للمليشيا لمديرية حزم العدين، وبدأت بالتخطيط لاختطاف قيادات وشخصيات اجتماعية من المديرية، مما أضطر أبناء المنطقة إلى رفض تواجد المليشيات، وفتح جبهة قتالية، وسقطت حينها قيادات حوثية كبيرة قتلى وجرحى أبرزهم القيادي الحوثي أبو عقيل السالمي، مسؤول العمليات الخاصة بجماعة الحوثي.