في غرفة الطوارئ في مستشفى النصر في مدينة الضالع اليمنية، يحاول طفل صغير التنفس بصعوبة، لكنه متعب للغاية وجائع جدا ليتمكن حتى من البكاء.
ولد الطفل مع مرض تنكسي عصبي، وتبدو عضلاته ضامرة للغاية وبرزت مفاصله الصغيرة في جسده الهزيل والنحيل، ولا يستطيع جسم الطفل الاحتفاظ بالماء ولهذا لجأت الممرضات إلى تلبيسه حفاضات.
وهذا الطفل واحد من أكثر من خمسة ملايين طفل يمني قد لا يعيشون لرؤية عام آخر بسبب الحرب التي وصفتها يونيسف بأنها "جحيم للأطفال".
ويؤكد الأطباء أنه لا يمكنهم القيام بأي شيء.
وحذرت الأمم المتحدة من خسارتها"الحرب ضد المجاعة" في اليمن.
وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة من بين كل أربعة من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة بحاجة لمساعدة غذائية، بينما يواجه حوالي ثمانية ملايين شخص خطر المجاعة.
ويؤكد مدير مستشفى النصر محمود علي حسن أن حياة المرضى "بائسة للغاية". "نحن بحاجة إلى مساعدة. نحن بحاجة إلى مساعدة حقيقية".
ويقول سكان الضالع إن مدينتهم التي تقع جنوب العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، وشمال العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليا عدن، أصبحت مكانا منسيا.
وتسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على محافظة الضالع.
وبدأ تدخل التحالف العسكري في اليمن في آذار/مارس 2015. وما زالت الحرب مستمرة بينما يسيطر الحوثيون على صنعاء منذ 2014 وعلى مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد.
ومنذ آذار/مارس 2015، أسفر النزاع حسب الأمم المتحدة عن سقوط عشرة آلاف قتيل معظمهم من المدنيين.
وتوفي 2200 شخص بعد إصابتهم بمرض الكوليرا بحسب منظمة الصحة العالمية.
بينما يبحث الأطباء في مستشفى النصر أنفسهم عن أي طرق لعلاج مرضاهم- وغالبيتهم من الأطفال- مع تناقص المعدات وانتشار الجوع.
وخارج المستشفى، لافتة تقول إنه يتم "تمويله من منظمة الصحة العالمية".
ويقدم المستشفى العلاج لثلاث محافظات يمنية يبلغ مجموع سكانها أكثر من 1,5 شخص.
ويؤكد حسن "نستقبل حالات من الضالع وإب (وسط) ولحج".
ويتابع "أكثر الحالات التي نستقبلها خاصة خلال هذه الفترة هي حالات سوء التغذية. نستقبل كل يوم ثلاث أو أربع حالات. القسم مليء (بالأطفال) وهو مليء هذه اللحظة".
ويبكي طفل آخر يعاني من سوء التغذية بينما يقوم أطباء بربطه بأنبوب لنقل الأكسجين. ويرتدي الطفل حفاضة أكبر من حجمه بكثير.
ويقول حسن "نحن بحاجة ماسة إلى معدات طبية" موضحا "نحتاج معدات لتقويم العظام والجميع يقولون أنهم يحاولون (تزويدنا بها) الحكومة وغيرها ومع ذلك لم نحصل على الإمدادات بعد".
وفي قسم الطوارئ، يموت ثلاثة إلى أربعة أطفال أسبوعيا بحسب مسؤول القسم الطبيب أيمن شايف.
ويؤكد الطبيب أن الأطفال يموتون من أسباب يمكن الوقاية منها، ويرتبط الكثير منها برعاية المواليد الجدد.
ويقول لوكالة فرانس برس "لدينا مشكلات خطيرة بسبب انعدام رعاية قبل الولادة وعدم القدرة على تخصيص قسم للولادة".
وتابع "شهدنا أيضا تزايدا في حالات سوء التغذية".
وأضاف "هناك ضعف في الدعم (...) كأن محافظة الضالع محافظة يتيمة" مؤكدا أن المستشفى بحاجة إلى "دعم لرعاية الأم الحامل وأقسام التغذية".
ويشهد اليمن إلى جانب الحرب ارتفاعا في تكاليف المعيشة. وأدت الحرب إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وأدى التراجع الاقتصادي وحصار على المطار والمرافئ التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، إلى جعل اليمنيين غير قادرين على شراء المواد الغذائية ومياه الشرب.
وجاءت كاتبة أحمد من محافظة حجة إلى مستشفى النصر لمساعدة صديقة لها في رعاية طفلها المريض.
وتقول "ثمن كيس الطحين 18 ألف ريال (72 دولار). ومع أربعة أشخاص في البيت فكم يستطيع أن يبقى مع الإفطار والغذاء والعشاء".
وبحسب أحمد فأن السلال الغذائية التي توزعها المنظمات الدولية لا تصل إلى الحي الذي تقيم به.
وتتساءل "أين تذهب هذه السلال؟ لماذا لا نحصل عليها؟ لماذا يجب أن نحرم منها؟ ولماذا يجب أن نتعرض للذل؟".