هذا هو العيد الثالث الذي يمر على أبناء مدينة تعز ، وسط غياب المعايدات والتهاني بشكلها التقليدي كما درجت العادة..ثالث عيد بنكهة الرصاص وصوت المدافع التي أزاحت عن السماء أصوات الطيور ومرح الأطفال ومشاكساتهم العفوية التي تزين اجواء العيد بحضورها.
يعيش سكان مدينة تعز العيد هذا العام وهم يزدادون تحسراً على ما حل بحياتهم ، والأمر لا يتعلق فقط بفظاعة الفتك والتدمير الذي يتعرضون له جراء الحرب الدائرة فيها منذ أكثر من عام ، التي خلفت عشرات آلاف من القتلى والجرحى والنازحين ؛ بل الحصار الخانق الذي ساهم في اتساع رقعة معاناتهم والتردي المريع في وضعهم الإنساني .
جولة في شوارع المدينة وحاراتها تشعرك بوجع الناس قام بها موقع" يمن شباب نت " رصد بعض من تلك المعاناة والوجع.
الحاج أحمد عبده ، كبير في السن ، عندما سألناه عن طقوس وتقاليد هذا العيد ، أجاب بصوت مكسو بالحسرة والألم متسائلاً : عن أي عيد نتحدث؟! عيد الفطر الذي نعرفه لم يعد كماهو بل أصبح مجرد يوم خاليا من المباهج والاحتفالات ،مكتظ بالضحايا والتشرد والدمار والعوز الشديد.
ويستدرك قائلاً: " لم تعد الأسر التي فقدت أحد أفرادها أو أقاربها أن تعيش العيد بفرحته وهداياه لأن معظم هؤلاء الأقارب والأرحام قد أصبحوا في ليلة العيد تحت التراب ، وكذا الاطفال تلاشت أحلامهم الصغيرة والطفولية كالهدايا والألعاب كما كانوا يحلمون قبل القتل والتدمير والتهجير " .
ويضيف: " أحفادي نازحون لدي وعندما اتحدث معهم عن العيد يجيبون بأنهم لا يشعرون انهم يعيشون العيد الحقيقي و ألاحظهم احيانا يترددون عن اللعب في الحي أو الحارة ،كما كانوا يفعلون في السابق ، خوفاً من القذائف العشوائية التي تطلقها الميليشيا على المدنيين ".
حزن فقدان الأحبة
أما أبو محمد ، تربوي ، فيقول : كيف لنا أن نحتفي بهذه المناسبة العيدية وقلوب الكثير من الأهل والأقارب يعتصرهم الألم والحزن على أقاربهم الذين غيبتهم قذائف الموت العشوائية ، ومثلهم من لا يزالون يبحثون عن أبنائهم المعتقلين أو المخفيين الذين غيبتهم سجون الميليشيات الانقلابية.
ويضيف : كيف للبهجة أن تتجلى فينا بالعيد والحصار لا يترك لقمة لجائع كي يسد رمقه، بينما بات البعض من المدنيين هاربين نزوحاً داخلياً إلى أماكن أقل عنفاً ويكابدون حالة قهر وفقر شديدين بعد أن فقدوا ما يملكون أو يدخرون؟!
أما ، سعيد محمد ، فله نظرة مختلفة تجاه العيد فهو يرى بأنه لابد أن نعيش تفاصيل العيد رغم ما نمر به من الأوجاع والأحزان ، كما قال ل"يمن شباب نت " ويضيف: " لا ينبغي للمسلم أن ييأس أو يقنط من فرج الله ورحمته ونصره ،فقد علمنا الإسلام أن مع العسر يسرا ؛ وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لن يغلب عسر يسرين "
عيدنا مقاومة
ميدانياً لايعرف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بما يُعرف باستراحة محارب أو بإجازة عيدية في حربهم ضد ميليشيا الانقلاب و التمرد التي لا تؤمن بالمواثيق أو العهود.
يتحدث صدام الشرعبي ، أحد المرابطين في اللواء35، قائلاً : سنظل مرابطون على الثغور والجبهات نزأر كالأسود خارج حديقة المشهد السياسي المفعم بالفشل و الآمال الخائبة ، فاشتعال الجبهات ، وحضور البندقية هي الطاغي على المشهد ، التي يمكن أن تشكل نصراً لهذا الوطن المثخن بالجراح الذي يئن منذ أكثر من عام حتى اللحظة .
ويضيف : " بالنسبة لنا كمقاتلين عيدنا مقاومة ، ولا عيد لنا والمدينة تشهد حصاراً خانقاً وظروفاً قاسية ، العيد يوم أن يتحرر الوطن من أذناب المشروع الإيراني وميليشيا الانقلاب التي شردت الابرياء وقتلت الاف من المدنيين ناهيك عن تدمير البنية التحتية ".