تواجه أم محمد حملا ثقيلا مضاعفا في إطعام طفيلها بعد فقدان زوجها عيسى محمد جراء انفجار لغم بحري زرعه الحوثيون في مارس الجاري أودى بحياته مع سبعة آخرين خلال رحلة البحث عن رزق بصيد الأسماك بسواحل البحر الأحمر.
تقول أم محمد وهي من سكان جزيرة الفشت بمديرية ميدي بمحافظة حجة، إنها بلا عائل بعد رحيل زوجها الذي كان يعمل بشركة لتصدير الأسماك قبل أن تفصله لسفره إثر مرض والدته واضطراره للمخاطرة بالعمل بمهنة صيد الأسماك في سواحل ملغمة ختم بها حياته.
" نتلقى بعض المساعدات من مركز الملك سلمان للإغاثة وهذا كل ما نحصل عليه، ولا يكفينا ولا أحد يلتفت لنا" تضيف هذه المرأة لـ" يمن شباب نت" وهي تشكو سوء حالها وغياب الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية عن إغاثة المحتاجين.
وتلخص قصة أم محمد حال 150 أسرة هم سكان الجزيرة الواقعة على بعد 40 كيلو متر هي المسافة التي يستغرقها الزورق من أقرب نقطة في شاطئ مديرية ميدي للوصول إلى الجزيرة الوحيدة المأهولة بالسكان في محيط من الجزر الصخرية المهجورة التي تتبع محافظة حجة على البحر الأحمر.
معاناة متعددة الأوجه
يعيش سكان الجزيرة أوضاعا صعبة نتيجة عدة أسباب أبرزها توقف مهنة الصيد التي كانوا يعتمدون عليها كمصدر للدخل بعد قيام الحوثيين بتلغيم السواحل بألغام بحرية تسببت بوفاة عدد من الصيادين الذين غامروا في الصيد.
وزاد الوضع سوءا نتيجة الحصار الذي فرضه الحوثيون على الجزيرة بعد تحريرها من قبل الجيش الوطني العام الماضي من خلال قطع شبكة الاتصالات عنها لعزلها وفرض إجراءات مشددة لكل من يأتي منها لتلبية احتياجاته من المناطق القريبة التي يسيطرون عليها.
وإلى جانب ذلك، فهناك مشاكل أخرى مثل انعدام المياه الصالحة للشرب ما يضطر الأهالي إلى الإبحار عشرات الكيلومترات باتجاه بلدة اللحية الساحلية التي تتبع محافظة الحديدة والاستعانة بالحمير لنقل المياه مسافات طويلة من الشاطئ إلى منازلهم.
وعلى الرغم من أن الجزيرة تتمتع بموقع جغرافي مهم في البحر الأحمر وتشتهر بشواطئها الرملية ناصعة وبخضرة مياه بحرها، إلا أنها لم تحظى بالاهتمام الرسمي منذ عهد الرئيس المخلوع الذي تركها تعاني الحرمان من أبسط الخدمات كالصحة والتعليم، حيث لا يوجد فيها سوى مدرسة واحدة ومركز صحي وكلاهما بحاجة إلى إعادة ترميم.
ولم يختلف الحال كثيرا مع تحريرها، إذ أن سكانها ينتظرون أي مساعدات ولا يجدون إلا الندر اليسير من مركز الملك سلمان أو المنطقة العسكرية الخامسة ومع ذلك فهم بحاجة لاهتمام وتدخل حكومي أكبر لإنقاذ حياتهم.
الحرمان من الصحة والتعليم
تفتقر الجزيرة لأدنى الخدمات الصحية، حيث يعاني السكان من بعض الأمراض الجلدية والملاريا لعدم مكافحة البعوض ويعاني آخرون من أمراض مزمنة لا يتوفر دواء لها في المركز الصحي، كما يعاني غالبية أطفال الجزيرة من سوء التغذية وغيرها من المشاكل الصحية.
ولا يوجد سوى مركز صحي واحد في الجزيرة لا يرقى إلى مستوى عيادة، لافتقاره لأبسط الإمكانيات اللازمة كأجهزة قياس الضغط أو الإسعافات الأولية والأدوية للأمراض المزمنة، ويعود بنائه إلى عهد الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي في سبعينات القرن الماضي.
التعليم في الجزيرة ليس أفضل حالا من الصحة، إذ لا يوجد سوى مدرسة واحدة متهالكة لقدمها، فهي بلا نوافذ وبلا كتب وكراسي أيضا، وفوق هذا تعاني المدرسة من غياب المعلمين ما تسبب بتوقف الدراسة حتى تحرير الجزيرة وتطوع بعض منتسبي التوجيه المعنوي لتعليم الطلاب إلى أن يتم إرسال معلمين.