للأسبوع الثالث على التوالي، يتواصل الإضراب الشامل الذي ينفذه المدرسون في معظم مدارس محافظة عمران (شمال العاصمة صنعاء)، احتجاجاً على عدم صرف مرتباتهم منذ خمسة أشهر.
وتفرض ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية سيطرتها على المحافظة منذ اجتاحتها بالقوة منتصف العام 2014. ومنذ خمسة أشهر توقفت الميليشيات عن تسليم موظفي الدولة رواتبهم، بما في ذلك المحافظات التي تسيطر عليها شمال اليمن.
وشلَ الإضراب، الذي يدخل أسبوعه الثالث على التوالي، العملية التعليمية في محافظة عمران، وسط ردود فعل استفزازية من قبل المليشيات، ما بين التهديد بفصل المدرسين المضربين عن العمل من وظائفهم واستبدالهم وتصفير الراتب.
وأكدت مصادر تعليمية بالمحافظة لـ"يمن شباب نت" أن الميليشيات الانقلابية أقرت مؤخرا تنفيذ بعض الإجراءات العقابية، وقامت بتصفير رواتب المدرسين المشاركين في الإضراب والمؤيدين من غير الموالين لهم، كما أقرت الاستعانة بخريجين لسد العجز في المدارس.
وبحسب المصادر، عُقد- السبت الماضي- اجتماعا برئاسة المحافظ المعين من قبل جماعة الحوثي "فيصل جعمان"، بحضور مدير عام مكتب التربية "أحمد الشهاري"، وتم فيه إقرار تلك الإجراءات والشروع بتنفيذها ضد المدرسين المضربين.
ولتوفير المكافئات المالية للمدرسين الجدد (البدلاء) من الموالين للميليشيات، قالت مصادر تربوية لـ" يمن شباب نت" إنهم قاموا بفرض 50 ريالاً على كل طالب في عدد من المدارس في مدينة عمران، تدفع يوميا لصالح المدرسين، ومن لا يستطيع الدفع يتم حرمانه من الدراسة.
تدمير متواصل للعملية التعليمية
واعتبرت المصادر التربوية تلك الإجراءات، جزء مكملا للتدمير الممنهج للعملية التعليمية، والذي دأبت الميليشيات الانقلابية القيام به تباعا منذ سيطرتها على المحافظة قبل عامين ونصف تقريبا.
وشهدت المؤسسات التعليمية في المحافظة انحرافات كبيرة ممنهجة، وانتهاكات طالت العاملين فيها من غير الأنصار والموالين، بشكل متواصل.
وشملت الانتهاكات باقالة مدراء العموم التربويين ومدراء المدارس والمدرسين الرسميين، وعمادات الجامعة ومدرسيها، واستبدالهم بآخرين موالين للميليشيات. وفضلا عن ذلك، تعرض العديد من المعلمين بمحافظة عمران وخصوصاً المناوئين للجماعة لاستفزازات متواصلة وملاحقات واختطافات وتهديدات، ووصل الأمر حد القتل أيضا، الأمر الذي أجبر العديد منهم إلى النزوح خارج المحافظة، واغلبهم توجه إلى محافظات لا تقع تحت سيطرة الميليشيات، حيث ما زال يتم تعقبهم.
انحرافات وصلت إلى العقيدة
أما الانحرافات التي شهدتها العملية التعليمية، فشملت فرض دورات تعبوية طائفية لبعض المعلمين، وإجبار المدرسين على إدخال مواضيع طائفية في المنهج الدراسي، إلى جانب إلقاء المحاضرات الدينية والتعبوية في المدارس والجامعة، بشكل يومي تقريبا. وتشمل المحاضرات قراءة ملازم زعيم الجماعة الأول المتوفي "حسين الحوثي"، والتي فرضتها الجماعة فور سيطرتها على المحافظة.
وتم تعطيل الدراسة في أغلب مدارس المحافظة، التي تحولت بعضها إلى ورش تعبوية وتحريضية وتدريبية، من خلال إقامة الأنشطة والفعاليات التحريضية الرامية إلى الزج بالطلاب في جبهات القتال وإشغالهم عن التحصيل الدراسي، بالإضافة إلى زرع الكراهية والعنف في أوساط الطلاب، بما في ذلك طلاب الابتدائية ومدارس البنات.
وفي ظل ذلك، بدأت الجدالات الفكرية والمذهبية والعقائدية تنتشر بشكل واضح في المحافظة، على خلفية ما تطرحه قيادات دينية وفكرية تابعة للحوثي، من أفكار مذهبية تحاول فرضها على أبناء المحافظة.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر تربوي بمحافظة عمران، بأن أحد مدرسي الجماعة الحوثية، ويدعى نجيب الليلي، أنكر وجود الركن السادس للإيمان، (الأيمان بالقضاء والقدر)، حيث زعم - أثناء شرحه لدرس أركان الإيمان لطلابه في المدرسة - أن الإيمان بالقضاء والقدر هو من إضافات "الدواعش"..!!
وقد أثار ذلك استياء واستنكارا واسعا في أوساط الطلاب، كما أثار المخاوف لدى الأهالي، الذين اعتبروها أفكاراً دخيلة على المناهج الدراسية، بعضها مخالفة للدين والعقيدة الإسلامية، وأخرى تتعارض مع العرف الاجتماعي السائد في المحافظة واليمن والمنطقة العربية بشكل عام.