سموم المصانع والميليشيات.. شبح يحاصر سكان "باجل" في الحديدة

[ مواطنوان في طابور للحصول على غاز منزلي في الحديدة (ارشيفية) ]

على الناحية الشمالية الشرقية من مدينة الحديدة, تتربع مديرية باجل على الباب الشرقي  الأخير من سهل تهامة, عندما تولي وجهك صوب العاصمة صنعاء.

على مدخلها تستقبلك ضجيج المصانع ونقاط الميليشيات وأطقمهم, التي لم تجني للسكان سوى الموت والسموم, فغبار الكسارات التي تقع على جنبات الخط الرئيسي تنشر الغازات السامة في أرجاء المنطقة, فلا تكاد ترى إلا ألسنة التراب المتطاير ولا تسمع سوى انفجارات من هنا وهناك جراء عملية التكسير للأحجار الكبيرة لهذه الكسارات, كما تستقبلك النقاط  الأمنية التي استحدثها الحوثيون, وتركوا فيها أطفالاً, لا يفقهون في لغة الأمن والاستقرار, سوى العبث بالأسلحة التي ارعبت السكان والمداهمات المتكررة لمنازل المواطنين.

 

تمتد مديرية "باجل" من أقصى شرق محافظة الحديدة إلى حدود محافظة المحويت ويحدها من الشمال مديريات الضحي والمغلاف والزيدية ، ومن الجنوب مديريات الحجيلة، برع، المراوعة ،ومن الشرق جزء من الحجيلة ومديرية صعفان بمحافظة صنعاء ومديرية بني سعد بمحافظة المحويت، تبلغ مساحتها 644كم2، وعدد سكانها (172.600) نسمة، وعدد مساكنها (29.737) مسكناً، وعدد أسرها(28.021) أسرة. وتتكون من خمس عزل: عزلة باجل، عزلة الخلفية، وعزلة الخضارية، عزلة الضوامرة، عزلة الجمادي.

 

نيران الميليشيات..

يتهم سكان مديرية باجل, ميليشيات الحوثي والمخلوع بزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة, جراء المداهمات التي يقومون بها لمنازل المواطنين بشكل هستيري وحملات الاعتقالات المتكررة لمواطنين بدون مبررات قانونية ناهيك عن عمليات القتل التي كان من ابرز ضحاياها رجل الأعمال الشيخ "عبدالسلام الشميري" وطالب في كلية الطيران والدفاع الجوي يدعى "أحمد عجيلي" وذلك على خلفية تبنيه لمبادرة خيرية وهي توزيع مساعدات غذائية على الفقراء في احدى القرى الريفية بالمديرية تحت مبرر أن هذه المساعدات قادمة من دول ما يسمونها بــــ"دول العدوان".

 

ويقول أحد سكان المنطقة يدعى "م.ع"- لم يكشف عن اسمه خوفاُ من بطش الميليشيا- ان الانقلابيون يقتحمون المنازل بمجرد وصول أبسط معلومة اليهم حتى وان كانت من صغار السن أو المختلين عقلياً, وأحيانا قد تكون معلومة لا تستدعي مثل حملاتهم التي تتسبب في إرعاب السكان والأطفال.

مشيراً ان اثنتين من النساء أحداهن في قريته الواقعة شمال المديرية والمتاخمة لمركز المديرية, وأخرى في قرية أخرى مجاورة اجهضن حملهن أثناء اقتحام الميليشيات لمنازلهم بحثاً عن أولادهم وأزواجهم, بصورة هستيرية وجنونية حد تعبيره.

وعبر سكان محليون عن تردي أوضاع مديرية باجل صحياً وإنسانيا منذ سيطرة الميليشيات على المحافظة, حيث  انتشرت الأمراض من أبرزها أمراض الجهاز التنفسي والربو والاسهالات والحميات وتفشي إصابة الأطفال بسوء التغذية في ظل شحه الإمكانيات ونقص حاد في الأدوية المجانية التي تصرفها المنظمات ويقابله استغلال وجشع اصحاب العيادات الخاصة ومالكي الصيدليات, الامر الذي يدفع بالسكان إلى الاستسلام للمرض ينهش أجسادهم واجساد أطفالهم لعدم مقدرتهم على الذهاب الى المستشفيات الخاصة التي أطلقوا عليها "مستشفيات السلخ" التي تستغل أوضاع الناس ومعاناتهم.

 

استثمار وفقر

"المديرية الحلوب" مصطلح يطلقه البعض على مديرية باجل ، على غرار تسمية "الحديدة" بـ"المحافظة الحلوب" وذلك لكثرة ايراداتها وفقر سكانها, فمديرية باجل واحدة من المديريات التي بها عدد من المصانع الاستثمارية, بينما يعيش سكانها تحت خط الفقر, 8كسارات و2 خلاطات إسفلت ومناشير للأحجار المنحوته و2 مداخل للمصنع في باجل لا تجلب للسكان سوى الربو وأمراض الجهاز التنفسي , حيث يتضرر من ذلك أكثر من 6000 مواطن .

 

يعاني أهالي مديرية باجل الكثير من المشاكل الصحية والاجتماعية الناجمة عن كسارات الأحجار ومعامل خلط الإسفلت المتواجدة في المدينة منذ خمس سنوات؛ حيث اضطر بعض أهالي مدينة العمال إلى مغادرة مساكنهم؛ بسبب السموم والأدخنة المتصاعدة من تلك المعامل، إضافة إلى الضجيج المتواصل الصادر عن معامل خلط الأسفلت والمصانع.

 

ويقول الأهالي أن الكسارات أدت إلى انتشار الأمراض بين مواطني المدينة بسبب الغازات والغبار المنبعثة من الكسارات أثناء خلط مواد الأسفلت التي تستمر "ليل نهار" بحسب الأهالي دون مراعاة للوضع البيئي أو لاحتياج الناس للاستقرار والراحة.

 

 

تدمير المحاصيل الزراعية

مخاطر "الكسارات" تجاوزت الإضرار بالمواطنين لتشمل تدمير المحاصيل الزراعية؛ حيث يقول المزارع  محمد الأهدل "إن الغبار الذي تفرزه "الكسارات" يتراكم على محاصيل الخضروات في المزرعة التابعة له، مما أدى إلى تلفها، ويهدد بتصحر المزرعة".

 

ومن بين وسط زحمة المصانع وضجيجها , تتساءل  عن مدى المشاريع التنموية التي تعود على الإنسان هناك , فلا شيء يذكر ولا جدوى من هذه المصانع والكسارات سوى الأتربة وانبعاثاته السامة.

فواتير حمراء يدفعها الأهالي فـالسموم يستنشقها الأهالي باستمرار مع غبار الكسارات التي تلوث سماء المدينة ويدفع ثمنها السكان , حيث الأمراض تفتك بهم وبأطفالهم فـ"الربو وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الرئة والقلب وغيرها تنتشر بين أوساط السكان , ناهيك عن الأضرار البيئية التي تحدثها الكسارات القريبة من منازلهم , لا سيما وان هناك تحذيرات من الهيئة العامة لإدارة البيئة بالمحافظة من المخاطر التي تحدق بالمنطقة وسكانها بسبب تلك الكسارات والاتربة الصادرة عنها.

 

نبيل عيسى عاقل حارة مدينة العمال بباجل " يقول أنهم تفاجئوا بعقد ايجار مع أصحاب الكسارات من محافظة الحديدة دون مراعاة للمسافة بين موقع الكسارة ومنازل المواطنين لمدة تتجاوز الخمس سنوات, ويضيف أن منطقته محرومة من الخدمات في ظل وجود عدد كبير من هذه المصانع الاستثمارية التي تؤثر سلباً على أرواح الناس نتيجة لوقعها بالقرب من منازلهم.

 

معاناة وحرمان

معاناة يكابدها أبناء هذه المناطق حولت حياتهم إلى جحيم , حيث يخيم البؤس والحرمان والألم على القرى المجاورة لمصنع اسمنت ومؤسسة المياه والصرف الصحي فيها، و يكابد سكان هذه القرى مشقة العيش في ظل بحيرات المجاري، وغبار الأسمنت وأصوات الكسارات وشظايا الأحجار المتطايرة بسبب انفجارات الديناميت، وبثمن تافه باعوا أراضيهم لمصنع الأسمنت ومؤسسة المياه، ومع ذلك ما زالوا محرومين من أدنى مستويات الخدمات الأساسية والضرورية.

باع المواطنون في المنطقة أراضيهم لمؤسسة المياه والصرف الصحي، وحولتها المؤسسة إلى أحواض مجاري وصرف صحي واشترط المواطنون على المؤسسة وفقاً لمذكرة رسمية منذ 2004 ، أن يتم تزويد قرى المنطقة بخدمات الكهرباء والمياه والصحة، إلا أن المؤسسة لم تقدم لهم شيئاً، وبسبب أحواض مجاريها تفشت الأوبئة والأمراض مثل الملاريا والإسهالات الحادة وينتشر أسراب البعوض بكثافة عالية ويقابله انتشار كثيف لميليشيا الحوثي, الأمر الذي فاقم من معاناة المواطنين هناك.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر