يوما بعد آخر تتضاعف معاناة العشرات من المعتقلين اليمنيين في سجن بئر أحمد بمدينة عدن جنوبي البلاد والذي تشرف عليه قوات تابعة للحزام الأمني المدعوم من الإمارات.
وقد مضت أكثر من 10 أيام منذ إعلان السجناء الإضراب عن الطعام دون أن تتحرك سلطات الحكومة اليمنية الشرعية أو أي جهة حقوقية لإنقاذهم من الوضع الذي يعيشونه، وفقا لحديث أهاليهم للجزيرة نت.
وبشكل شبه يومي تستمر أمهات المخفيين قسراً بعدن في تنظيم الوقفات الاحتجاجية لمطالبة وزارة الداخلية في الحكومة الشرعية بالوفاء بوعودها المتكررة بالكشف عن مصير العشرات من أبنائهن المعتقلين.
ولعل أبرز الأسباب التي ضاعفت مخاوفهن مؤخرا هو العثور على عدد من الجثث في المنطقة الحرة بعدن قبل أيام، وقال ناشطون إنها قد تكون لمعتقلين ماتوا جوعاً بسبب الإضراب.
معاناة الفقد
"قلبي يحترق في اليوم ألف مرة، بدأ العام الجديد وكنت أمنّي نفسي بأن أراه ولو لدقيقة واحدة، أريد أن أحضنه وأشم رائحته التي افقدتها منذ أكثر من عام ونصف العام، ولكننا سنظل ننتظر خروجهم بفارغ الصبر ولن نفقد الأمل"، هكذا تحدثت والدة أحد المعتقلين بعد أن طلبت عدم الكشف عن اسمها خوفا على ولدها من أن يقوموا بتعذيبه أكثر عندما تنشر الجزيرة نت تصريحاتها.
ووفقا لشهادات أمهات المختطفين اللواتي تواصلت معهن الجزيرة نت، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أبناؤهن المعتقلون الإضراب عن الطعام، لكنها المرة الرابعة بعد أن ضاق بهم الحال داخل زنازين السجن حيث أصيب العديد منهم بالإغماء جراء الإضراب ومع ذلك لا تزال النيابة العامة تماطل بالإفراج عنهم.
وجددت أمهات المختطفين عبر الجزيرة نت مناشدتهن الضمير الإنساني وبقية منظمات حقوق الإنسان الدولية مساندتهن وإنقاذ أبنائهن حتى ينالوا حريتهم الكاملة ومحاسبة المتسببين في اختطافهم وإخفائهم.
ويعد معتقل بئر أحمد أحد أشهر السجون السيئة، الذي ارتبط اسمه بالإخفاء القسري والتعذيب والمرتزقة والحزام الأمني المدعوم إماراتيا، كما تشير تقارير دولية، حيث يوجد فيه ضباط للتحقيق والتعذيب، في حين يتهم اليمنيون الحكومة اليمنية بالعجز عن اتخاذ أي إجراءات قانونية نحو المخفيين والمعتقلين كونه يقع خارج إشرافها.
انتهاك للسيادة
ويرى الخبير القانوني اليمني توفيق الحميدي أن معتقل بئر أحمد في عدن أصبح أحد العناوين البارزة لانتهاك السيادة اليمنية، حيث إن إنشاء السجون وإدارتها والإشراف عليها يعتبر سياديا ومن مهمة الدولة اليمنية فقط، وأي تعدٍّ يعد انتهاكا لسيادة الدولة.
لكن الحكومة اليمنية تبدو وكأنها بلا أظافر ومنبطحة أمام كل ما يحدث من عبث وانتهاكات لكرامة اليمنيين في مناطق تقول إنها تسيطر عليها لكنها عاجزة عن الوجود فيها وإدارة جميع مؤسساتها بما فيها السجون، وفقا للحميدي.
وحول حقيقة التحركات الحقوقية والرسمية لإنقاذ المعتقلين، لفت الحميدي إلى أنه بعد أن صدر عدد من التقارير الحقوقية التي أحرجت التحالف والحكومة بشأن وجود تلك السجون، تحرّك القضاء اليمني شكلياً وأصدر مجموعة من القرارات المتعلقة بالإفراج والتي نفذ بعضها بناء على رغبة التحالف في الإفراج من عدمه.
ولكن يبقى غياب وضعف الأجهزة القضائية اليمنية من أبرز أسباب استمرار معاناة العشرات من اليمنيين في المعتقل، إضافة إلى ضعف الحكومة وصلف الإمارات التي تتصرف كمستعمر، على حد تعبير الحميدي.
وأصدرت منظمة سام للحقوق والحريات التي تتخذ من جنيف مقرا لها، تقريرا خاصا عن معتقل بئر أحمد يوم 11 أبريل/نيسان 2018 وكشفت من خلاله -وفقاً لتوفيق الحميدي الذي يترأس المنظمة- أصنافا من وسائل التعذيب البشعة التي ترتكب بحق المعتقلين.
وذكر الحميدي أن جميع تلك الوسائل تمثل جريمة تستوجب المسألة والتحقيق في وقوعها، إضافة إلى جرائم الإخفاء لما يقارب 56 يمنيا بشكل قسري ووجود ما يقارب 100 معتقل بداخل السجن بحسب إحصائيات المنظمة، وفقا للحميدي.
وتجدر الإشارة إلى أن الجزيرة نت تواصلت مع عدد من مسؤولي وزارة الداخلية اليمنية والنيابة لأخذ تعليق على الموضوع، ولكنهم اعتذروا عن الرد، وقالوا إنه لا يسمح لهم بالحديث إلى الجزيرة.