عزمي بشارة: بايدن وضع لمساته وتفسيراته على ورقة التفاوض الإسرائيلية.. ولا ثقة بواشنطن

قال المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عزمي بشارة إنّ هناك قناعة أميركية بضرورة إنهاء الحرب في غزّة، وتوقّف عند دلالات إطلالة الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، للحديث عن ضرورة وقف الحرب، لافتاً إلى أهمية أن يعرض بايدن بنفسه من البيت الأبيض في كلمة له المبادرة الإٍسرائيلية على العرب، وعلى الإسرائيليين أنفسهم، مشتملة على لمساته وتفسيراته.
 
وقال عزمي بشارة في حديث مع تلفزيون العربي من مدينة لوسيل في قطر، مساء الجمعة: "نحن نعرف أن هناك مبادرة إسرائيلية وأن حركة حماس لن تتعاطى معها بجدية لأنها رأت أن هناك تكتيك (بنيامين) نتنياهو نفسه بطرح الأفكار ثم التنصل منها خلال المفاوضات لكسب الوقت واستمرار الحرب، وهذا النهج امتد طوال الأشهر الماضية وكل أفكار المفاوضات كانت على هذا النحو، يرسل فريقاً أمنياً ليفاوض ثم يتنصّل من الاتفاقات التي يصل إليها الفريق أو يضع عليها ملاحظات. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، هذه المرّة، وبعد إلقاء بايدن الكلمة، لا يستطيع أن يتنصّل من الأفكار المطروحة".
 
وقال المفكّر العربي عزمي بشارة إنّ الأهم أن بايدن استغل أنه من يطرح الفكرة/ المبادرة الإسرائيلية لكي يضفي عليها تفسيرات أميركية قد لا تعجب نتنياهو، من قبيل قوله إنه آن الأوان لوقف الحرب، وهذا لن يقوله نتنياهو، خصوصاً أن هذه الكلمات ليست مكتوبة في المبادرة.
 
وشدّد بشارة على أن المراحل الانتقالية الثلاث التي جاء عليها بايدن باعتبارها محطات في الورقة الإسرائيلية شبه حتمية، ولن تكون خاضعة للتفسيرات الإسرائيلية بنجاح مرحلة أو أخرى، فالانتقال عملياً شبه فوري، وإذا لم يكن فورياً، يحدُث اتفاق ليكون كذلك، وليبقى وقف إطلاق النار مستمراً.
 
ووفقاً لبشارة، أخذ بايدن المبادرة الإٍسرائيلية وأضفى عليها لمساته في طريقة عرضها، من ضمنها الانتقال من مرحلة إلى مرحلة يكون بوقف إطلاق نار شامل. ومن ضمنها أيضاً إذا نجحت المرحلة الثانية والتزمت حماس بالتزاماتها فننتقل إلى وقف إطلاق شامل.
 
وأوضح عزمي بشارة أن المقاومة الفلسطينية رفضت التعاطي مع المبادرة الإسرائيلية في اليومين الماضيين، أولاً لأن نتنياهو دخل إلى رفح وجباليا، وثانياً لأنه رفض المبادرة التي وافقت عليها حركة حماس في المرّة السابقة وتنصّل مما وافق عليه وفده الأمني. وأشار إلى أن المقاومة تشك في نوايا نتنياهو بأنه يستخدم المفاوضات لاستمرار الحرب ولا يتعهد بوقف إطلاق النار.
 
ولفت إلى أن حماس تطالب بوقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، إلى جانب إعادة الإعمار. وأوضح أن هذه المبادئ لم تتوفر في الخطاب أو المبادرة الإسرائيلية، لكن المختلف هذه المرّة، من وجهة نظره، أن بايدن قال إنه هكذا يفهم المبادرة الإسرائيلية: إنها تقود إلى وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي وبداية الإعمار.
 
وأعرب بشارة عن اعتقاده بأن المقاومة سوف تتعامل مع هذه اللهجة بإيجابية. وقدّر أنها ستقول إن كلام بايدن نتعاطى معه بإيجابية ونريد أن نسمعه من إسرائيل، أي أن تؤكّد موافقتها، لكنه لفت إلى أن الإسرائيليين لم يتحفظوا على كلام بايدن، إلا أنهم قالوا إن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة سيكون بالحفاظ على المبادئ الإسرائيلية.

وقال المفكر العربي إن بايدن استغل أنه هو الذي يعرض المبادرة الإسرائيلية، وهذه خدمة كبيرة لإسرائيل، وفي تأمين التفاف الشارع الإسرائيلي حولها، للقول عكس ما أدلى به نتنياهو قبل أسبوع، عندما حديثه عن الاستمرار في الحرب حتى لا يتكرر ما جرى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
 
ومن وجهة نظر بشارة، تضمّنت مبادرة بايدن ما مغزاه أن نتنياهو ضمن ذلك من الآن، لأن وضع حماس لا يسمح لها بتكرار 7 أكتوبر، بمعنى أنه لا يوجد سبب لاستمرار الحرب، لأنه إذا كان الهدف القضاء على قدرات "حماس" فقد تحقق ذلك، بمعنى أنها لن تكون قادرة على تنفيذ 7 أكتوبر جديد. ولفت بشارة إلى أن بايدن عرض المبادرة بشكل تكون مقبولة لدى العرب ولدى المعارضة الإسرائيلية.
 
تفاصيل المراحل

وبشأن بنود المبادرة التي عرضها بايدن والتي تتضمن جزءاً رئيسياً مما كانت تطالب به المقاومة، لفت المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إلى أنه بموجب الاقتراح الإسرائيلي، الذي وصل إلى الوسيطين المصري والقطري ولم تستلمه المقاومة، طرح الانسحاب من محاور شارعي رشيد وصلاح الدين على أن يتم ذلك بين اليومين الثالث والسابع، على أن تبقى القوات الإسرائيلية في نتساريم، ويُنسحب من هذا المحور في المرحلة الأخيرة.
 
وتوقف عند حقيقة أن الإسرائيليين حالياً لا يبقون في أي منطقة مأهولة أكثر من المدة اللازمة لإجراء العملية العسكرية، إذ ينفذون العملية وينسحبون، ما عدا نتساريم ورفح.
  
وذكّر بأن مطلب المقاومة، ربما ليس بالمرحلة الأولى، أن تنسحب إسرائيل من غزّة. وفي ما يتعلق بالمرحلة الثانية، التي قال بايدن إنها تشكل إطلاق سراح جميع المحتجزين جميعاً وانسحاب القوات الإسرائيلية، واذا احترمت "حماس" التزاماتها، فعندها يصبح وقف النار المؤقت هو وقف دائم للأعمال العدائية. وقال بشارة إن ما تطرّق إليه بايدن في هذا الخصوص، وبحسب تقديره، غير موجود في الورقة الإسرائيلية، لكنها تفسيراته.
 
وأوضح أن بايدن، ومنذ مدة طويلة، كان يقول للقادة العرب إنه يضمن، بعد المراحل الثلاث، أن الحرب لن تعود، لكنه انتقل من قول ذلك في أحاديث خاصة إلى قولها علناً على شاشات التلفزة. وفيما قدّر أن المقاومة لن تسلم جميع الجنود والمحتجزين قبل وقف النار الدائم والشامل وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، اعتبر أن كلام بايدن يعزّز موقف المقاومة، لكن يحتاج أن توافق عليه إسرائيل.
 
وقال عزمي بشارة إن واشنطن اغتنمت وجود مبادرة إسرائيلية جاءت بضغط منها، على قاعدة أن هناك فرصة ذهبية لا تريد الإدارة الأميركية تفويتها لتحصل على ما تريد، خصوصاً ما يتعلق ببدء محادثات تطبيع سعودي إسرائيلي علني قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية تشكل إنجازا لإدارة بايدن من دون أن تنجز مقاصدها بالكامل بالضرورة.
 
وبرأيه أن بايدن يعتقد أنه ربما إذا حدث وقف إطلاق النار فقد يخفف هذا ضغط التظاهرات المناوئة للحرب في غزة خلال فترة الانتخابات. وشدد على أن ظهور بايدن العلني يكبّل نتنياهو لجهة عدم قدرته على الخروج والانسحاب مما وافق عليه، وإضافة تفسيرات تقود هذا الاتفاق إلى وقف النار إذا التزم به الجميع.
 
وفيما اعتبر أن تعامل المقاومة مع ما صدر من بايدن في خطابه حكيماً، بعد إعلانها أنها تنظر بإيجابية إلى دعوته إلى إنهاء الحرب، لفت عزمي بشارة إلى أن المهم كيف ستتعامل الحكومة الإسرائيلية مع تفسيرات بايدن. وأعرب عن اعتقاده أن المسؤولين الإسرائيليين سيحاولون أن يخرجوا للرأي العام مقولات تهدئ روْع اليمين على وجه الخصوص، ولذلك من المبكّر الحديث عن اتفاق.
 
وتطرق إلى العملية العسكرية في رفح لافتاً إلى أن أياً من الأهداف التي أعلنها نتنياهو من العثور على محتجزين أحياء والقضاء على قادة المقاومة لم تتحقق، وهو ما يدفع لبدء العد التنازلي بالنسبة إليه. وفيما شدد على أن الإسرائيليين لم يضمنوا وقف إطلاق النار في مبادرتهم، إلا أنه خلص إلى أنه لا يمكن تجاهل تفسير الرئيس الأميركي للمبادرة الإسرائيلية.
 
وأعرب بشارة عن اعتقاده أن نتنياهو لا يزال مصراً على الاستمرار في الحرب، وهو ما دفع مستشاره للأمن القومي للحديث عن الحاجة إلى 7 أشهر للحرب.
 
نتنياهو لا يملك أي تصور لليوم التالي

وأوضح عزمي بشارة أنه ليس في جعبة نتنياهو أي تصوّر لليوم التالي للحرب، وهذا أمر كارثي بالنسبة له، لأنه إذا انسحبت إسرائيل الآن أو خلال 90 يوماً، فلا توجد قوة منظمة تسيطر على غزّة الآن غير حركة حماس، وهو يعتقد أنه إذا انسحب من دون ترتيب قوى عربية أو دولية أو حتى السلطة الفلسطينية لتستلم غزة، فسيبقى هناك حكم عسكري في غزّة، وبالتالي يفقد الانسحاب معناه.
 
وتوقف عند سؤال من سيدير حياة السكان في القطاع في ما يتعلق بالخدمات الضرورية، والاضطرار لحكم غزة عسكرياً يخشاه الجيش الإسرائيلي لأنه ليس جاهزاً لهذا ولا يريده.
 
وأشار عزمي بشارة إلى أنه، لأول مرة، يقف الأميركيون، تحديداً وزير الخارجية أنتوني بلينكن بما يحمله من أفكار صهيونية، للحديث عن ضرورة تقديم إسرائيل تصوّراً لليوم التالي للحرب، ولذلك يريد الأميركيون أن يفرضوا على نتنياهو القبول بتصورهم.

وأعرب عن اعتقاده أن الأميركيين يريدون تغيير الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لأنهم يريدون سلطة فلسطينية متجددة لتدير الضفة الغربية وقطاع غزة مرتكزة بشكل أساسي على أجهزة الأمن الفلسطينية، لكنه رجح أن هذا الأمر لن يمر، خصوصاً أن "حماس" لن تقبل به وفي غياب حكومة وفاق وطني.
 
الحسابات الداخلية الإسرائيلية

وإذا كان هم بايدن، من وجهة نظر عزمي بشارة، أن تبدأ مراحل الاتفاق للتفرّغ للانتخابات الرئاسية، خصوصاً في ظل المقاطعة الواسعة من أوساط عربية وإسلامية وتقدمية للتصويت له، تبقى المعضلة في غياب أي ضمانات لتحقيق ذلك، بسبب عناد رئيس الحكومة الإسرائيلية وائتلاف نتنياهو الذي يمكن أن ينحل. ولفت إلى أن خطاب بايدن سيدعم المعارضة المحتملة الإسرائيلية، في إشارة إلى الوزيرين في مجلس الحرب غادي أيزنكوت وبني غانتس.

لكنه توقف أيضاً عند الاستطلاعات التي لا تزال تمنح نتنياهو بشخصه تقدماً، مفسّراً ذلك بأن من يقود الحرب في هستيريا شعبية ترتفع شعبيته، ويلتف اليمين حوله، لكن برأيه فإن ذلك لا يكفي لتشكيل حكومة، إذ إن ائتلاف نتنياهو سيكون أقل من 60 مقعداً ولن يشكل حكومة. وبشأن ظهور نتنياهو بمظهر الصارم في مقابل تردد غانتس، اعتبر أن هذه المعضلة قد تحل إذا اتخذ غانتس موقفاً حازماً مع الدعم الأميركي.
  
انتقام وحشي ولا ثقة بواشنطن

كما توقف بشارة عند حقيقة أن الحرب طالت، ونتائجها التي انعكست معاناة هائلة لأهالي غزّة وجعلت القطاع غير صالح للحياة البشرية بعد الانتقام الوحشي والهمجي من الشعب الفلسطيني، لكن بالنسبة لغانتس ونتنياهو، يوجد في المجتمع الإسرائيلي الآن، وبحسب جميع الاستطلاعات، تعب، وهو ما يظهر في تأييد أكثر من 60% من المجتمع الإسرائيلي تأييد وقف الحرب مقابل إطلاق جميع الرهان.
 
وقال بشارة إن على المقاومة والشعب الفلسطيني ألا يثقا بكلام واشنطن، رغم أنها تريد العودة إلى المفاوضات. وبرأيه، ثبت أن الولايات المتحدة لا تتخذ خطوات عملية للضغط على إٍسرائيل، وما زالت تتحدث عن القضاء على إمكانات حماس ومعاقبة من يقفون وراء 7 أكتوبر.
 
ولفت إلى أن بعض ما قاله بايدن يترك مخارج لإسرائيل في بعض الأمور، وهذه يجب أن ترفض ويُتفاوض عليها. وقد نشأت حاليا فرصة لتظهر المقاومة من جديد أنهم ليسوا فقط مقاومين أشداء بل إنهم يفهمون بالسياسة ويستطيعون أن يتعاملوا مع الكلام الجديد بإيجابية.
 
ولم يجرؤ نتنياهو على طرح المبادرة، وهو ما سمح لبايدن بالخروج وطرحها. وثمن خروج بايدن أنه طرحها بأسلوبه وبالشكل الذي يريده، والذين هو غير مرض لجزء كبير من اليمين الإسرائيلي وحتى نتنياهو.
 
الهجمات في الضفة تفوق الانتفاضة الثانية

ورداً على سؤال بشأن تهديدات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لأهل الضفة بتكرار تجربة غزة وهل هو قادر على فعل ذلك، قال عزمي بشارة إنه عملياً غير قادر على تنفيذ تهديداته، لكنه مع عصابات المستوطنين يفعلون الكثير الآن، اذ استغلوا الحرب بعد 7 أكتوبر والأجواء الهستيرية التي سادت، ووجود حليفه إيتمار بن غفير في وزارة الأمن، التي أصبحت مسؤولة عن حرس الحدود الناشط في الضفة لتعزيز التحالف القائم بين قوى الأمن والمستوطنين، بحيث لا يمكن التفريق بينهم، للإغارة بشكل مشترك على القرى والمدن الفلسطينية إلى درجة أكبر من الانتفاضة الثانية، وتوجد تصفية حسابات مع مناطق وقرى بعينها.
 
كما لفت إلى أنه يوجد توسيع للاستيطان وإعادة للمستوطنات التي جرى تفكيكها بعد قرار فك الارتباط/الانسحاب من غزة. ولفت إلى الشراسة في القتل والاعتقالات وعودة سياسات التعذيب، وصولاً إلى استخدام الطيران في جنين. ورأى أن الوزير بن غفير يتمنى فتح حرب في الضفة الغربية لكنه ليس صاحب قرار بهذا الشأن.
 
عقلية الغيتو الإسرائيلية
 
وعن مجزرة رفح وقتل الناس حرقاً في خيمهم، والغضب الذي أثارته في دول عديدة وأثرها على تغير صورة إسرائيل، قال بشارة إن الإسرائيليين يرون ما يحدث من ردود أفعال حول العالم لكنهم يعودون إلى عقلية الغيتو، ولازمة العالم ضدنا ونحن محاصرون.
 
لكن برأيه فإن هذا مؤقت لأنه سيسقط. وما يجري له أثر سياسي وثقافي واقتصادي على إسرائيل، لأنها كانت تعيش ضمن علاقة لها امتيازات مع الغرب بصفتها الطفل المدلل، وإذا ما فقد الإٍسرائيليون كل ذلك على المدى البعيد خصوصاً مع طلب مذكرات التوقيف بحق نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، فستكون له تداعيات.
 
وتوقع أن تكون التظاهرات عارمة في إسرائيل بعد خطاب بايدن، لأن ما قاله سيعزز الموقف المطالب بإطلاق الرهائن حتى لو كان ثمن ذلك وقف الحرب.
 
ولفت إلى أن إسرائيل لم تكن بحاجة في الماضي أن تقمع دول ديمقراطية الرأي العام فيها لأجلها، بما في ذلك قمع الإعلام وتفريق التظاهرات بالقوة وتهديد صحافيين بالطرد إذا أخذوا موقفاً ضد إسرائيل، لأن خطابها كان مهيمناً، لكن ما يجري أمر لا يمكن أن يستمر في المدى البعيد، إذ سيدرك الإسرائيليون أنهم تحولوا إلى عبء.
 
واعتبر أن الوضع المركب الذي دخلت فيه قضية فلسطين نتيجة لتداخلها مع قضيتين كبيرتين، الأولى المسألة اليهودية في الغرب عموماً بما في ذلك أوروبا، التي يسقطها الغرب علينا للتنصل من ماضيه، والمسألة العربية في الشرق التي قادت إلى وجود دول عربية فاقدة لأي قدرة على فرض هيبة أو احترام في العالم بشأن قضية مهمة هي قضية فلسطين.
 
وفيما لفت إلى أنه حتى وقت قريب كانت توجد هيمنة لإسرائيل وسرديتها بشأن فلسطين، تحديداً مقولة دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها، لكنها اهتزت الآن وأصبحت بحاجة لفرضها بالقوة.

وشدد على أن هناك جيلاً صاعداً لا يقبل هذا الكلام، بما في ذلك ما يقوله المتطرفون اليمينيون في الكونغرس الأميركي. وأعرب عن اعتقاده أن التحولات الجارية هي الإنجاز الرئيسي لصمود الشعب الفلسطيني، وليس فقط المقاومة.
 
الاعتراف بدولة فلسطينية

وبشأن تحرّك دول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، رأى أن أمر تحديد الحدود أساسي، لأن الدولة في العصر الحديث كيان ترابي، فإذا لم تعترف بحدودها، فلا معنى للاعتراف. واعتبر أن هذا الإنجاز الذي تحقق ليس للسلطة الفلسطينية أي نصيب فيه، بل تحقق بفعل صمود الناس.
 
وشدد على أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تنطلق مما تحقق. وشدد على أنه في يد أي طرف فلسطيني يشكل كيانية، والذي أعرب عن أمله في أن يكون منظمة تحرير موحدة ومنتخبة، تتمثل فيها كل القوى الفلسطينية، وليس في حالتها الرثة الآن، إنجاز دبلوماسي، لديه اعتراف دولي.
 
ودعا هذا الطرف إلى أن يتصرف على هذا الأساس، معتبراً أنه حالياً لا يقوم بدور حقيقي في الدفاع عن غزة أو الضفة. وأعرب عن اعتقاده أن الحل الوحيد هو التوافق على حكومة وفاق وطني بالتوافق مع المقاومة الفلسطينية. كما اعتبر أنه يجب أن يكون هناك نوع من التمايز بين حركة فتح باعتبارها حركة شعبية وطنية لديها قاعدة جماهيرية واسعة جداً وتاريخ نضالي وبين السلطة الفلسطينية.
 
 وشدد على أنه لا يجوز أن تنقاد حركة فتح إلى مجموعة من خمسة أشخاص أو ستة حول الرئاسة الفلسطينية وأن تفقد دورها التاريخي في مرحلة فيها حرب إبادة على الشعب الفلسطيني. واعتبر أن التشديد على دور حركة فتح، إن حصل، يضمن قيادة مرجعية للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة.
 
واعتبر أن هذا هو السيناريو الوحيد الذي يمكن أن يؤدي للخروج بشكل مشرف، وإلا ستكون هناك سلطة في الضفة وأخرى في غزة، وأوسلو ثانٍ منطلقه من غزة وكيفية ضمان أمن إسرائيل أي إدارة محلية في غزة منطقها الأساس ضمان أمن إسرائيل.
 
وشدد بشارة على أن تشكيل حكومة وفاق وطني وإعادة بناء منظمة التحرير لاحقاً يتيحان استغلال الإنجازات التي تتحقق، بما في ذلك إنجاز الاعتراف، لأنه لا يمكن استثماره في الواقع الفلسطيني الرث في الوقت الحالي.
 
وفسر الغضب الإسرائيلي من الاعتراف بأن هناك مراجعة حقيقة لسردية الهيمنة الإسرائيلية. ولفت إلى أن الجديد أن الدول التي تعترف بفلسطين هذه المرة من المعسكر الغربي، من دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يعد اختراقاً بالنسبة لإسرائيل.
 
كما أنهم كانوا يرددون ان موضوع حدود الدولة الفلسطينية، وحتى الدولة نفسها، لا شأن للعالم به وأنه يُعالج عبر مفاوضات غير مباشرة وغير مشروطة مع الفلسطينيين، وهي عملياً على قاعدة القوي يأكل الضعيف.
 
من جهة ثانية، تناول بشارة الحديث الأميركي عن مجزرة رفح، واعتبر أن مجرد الطلب من إسرائيل التحقيق في مجازرها هو انحياز كامل لها. وهذا الكلام، برأيه، مستفز لمشاعر الفلسطينيين عندما تطلب من القاتل أن يحقق في جريمة القتل. وخلص بشارة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان في بلداننا، فإن الدول الغربية منافقة.
 
واعتبر أنه ظهر حجم النفاق في تطبيق حقوق الإنسان في قضية فلسطين بشكل خاص بسبب علاقة الدول الغربية مع إسرائيل بوصفها طفلاً مدللاً يحصل على امتيازات.
 
كما توقف عند الشباب الذين يتظاهرون في الجامعات الغربية، مشدداً على أنه يجب أخذهم بجدية لأنهم ينطلقون من منطلق أخلاقي في مهاجمة إسرائيل، ومشدداً على أن دورهم تاريخي ومهم جداً، لأن قضية فلسطين أصبحت، لأول مرة من 75 عاماً، مثل قضية جنوب أفريقيا يوما ماً، مرتبطة بتحرر جيل كامل في الغرب. وأعرب بشارة عن أمله أن تتعامل القيادات الفلسطينية بمسؤولية مع هذه الظاهرة الجديدة وتطور خطابها لتكون قادرة على التفاهم معهم.
 
ورداً على سؤال بشأن محدودية التحرك في بلدان عربية وحتى داخل مناطق عرب 48، أكد بشارة ضرورة تحية الذين تظاهروا في المغرب، الأردن، الكويت، ومدرجات كرة القدم في مصر حيث يمكن أن يتظاهروا.
 
وبشأن عرب الداخل الفلسطيني، قال بشارة إنهم مصدومون من حجم الإرهاب الإسرائيلي لأنهم حققوا إنجازات سياسية على مدى العقود الأخيرة، وتحديداً على مستوى الحقوق السياسية، لكن فجأة بعد 7 أكتوبر، بدأت إسرائيل شن حملة إرهابية واعتقال الناس حتى على تدوينة، وبالتالي وضعت إسرئيل قواعد لعبة مختلفة مع عرب الداخل.
 
وأضاف: " ألمس الآن بداية صحوة بأن عدم التنازل عن حرية العمل السياسي والنضال تضامناً مع أهلهم في غزة والضفة، هو ليس فقط جزءاً من هويتهم الوطنية ومنظومة القيم، بل أيضاً كي لا يخسروا حقوقهم السياسية التي تحاول إسرائيل أن تمس بها وتغير قواعد اللعبة".
 
المصدر: العربي الجديد

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر