رأى محلل عسكري إسرائيلي بارز، الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد "الأفضلية" في مسار القتال في غزة، مؤكدا على أن السيطرة على حي الشجاعية شمالي القطاع "لايزال بعيد المنال".
وقال المحلل عاموس هارئيل، في مقال تحليلي بصحيفة "هآرتس" العبرية إن الظروف القتالية ميدانيا والالتحام من مسافات قريبة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس "قلل من الأفضلية النسبية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا والاستخبارات".
كما وصف شبكة الأنفاق التي أقامتها حماس بأن "حجمها وتعقيدها تجاوزا كل ما توقعته المخابرات الإسرائيلية"، موضحا أن هذه الظروف "زادت أيضا من عدد الضحايا الإسرائيليين".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "لا يزال بعيدا عن السيطرة على حي الشجاعية شرق مدينة غزة (شمال)، آخر معقل متبق لحركة حماس في شمال القطاع، والموقع الذي يشهد قتالا مستمرا".
وأضاف: "لا يزال الجيش الإسرائيلي بعيدًا عن السيطرة على المنطقة (في إشارة لحي الشجاعية)، وفي مخيم جباليا للاجئين تضاءلت المقاومة إلى حد ما في الأيام الأخيرة".
وتابع: "القتال نفسه بواسطة المشاة، وإلى حد كبير أيضا الدبابات، يتم من مسافة قريبة جدا وفي مناطق كثيفة البناء، تم تدمير بعضها فقط، مما يُمكن مجموعات من مقاتلي حماس من الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي، في بعض الحالات على مسافة بضعة أمتار فقط".
وأردف: "تقلل هذه الظروف من بعض الأفضلية النسبية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا والاستخبارات، وتزيد من عدد الضحايا الإسرائيليين".
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي ارتفاع عدد الضباط والجنود المصابين منذ بداية الحرب البرية في قطاع غزة إلى 619 بينهم 139 مصابون جروحهم خطيرة، فيما بلغ عدد قتلاه منذ بداية المعارك 115.
كما أشار هارئيل إلى أنه "تجري العملية الهجومية جنبا إلى جنب مع محاولة تحديد مكان جثث الرهائن".
وأردف: "يبدو أن المزيد من التقدم في جولة أخرى من مفاوضات الرهائن لم يبدأ بعد، لكن يحاول الوسطاء القطريون والدول الأخرى المشاركة في المحادثات، صياغة اتفاق جديد يتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن الـ 137 الذين ما زالوا محتجزين".
وأشار إلى أن أولويات تل أبيب في تبادل الرهائن هي "النساء، والرجال المرضى والجرحى ومن ثم الرجال المسنين"، منوها إلى أنه في الوقت الحالي "لم تظهر حماس أي علامة على ضرورة التوصل إلى اتفاق بشكل عاجل".
كما أوضح أنه "لا توجد دلائل في الوقت الحالي على أن حماس تشعر بأن قدرتها على المساومة في المفاوضات المستقبلية، قد تضاءلت".
وقال في هذا الصدد إن "صفقة تبادل الرهائن التي تم التوصل إليها الشهر الماضي (نوفمبر) كانت حاسمة بالنسبة لحماس، لأن الحركة كانت في حاجة إلى وقف إطلاق النار حتى تتمكن من استعادة قواتها وإعادة تنظيمها".
لكنه في المقابل، اعتبر أن الآن "بعد أن أصبح الجزء الشمالي من قطاع غزة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي إلى حد كبير، وانسحب معظم مقاتلي حماس، فإن قيادة المنظمة لا تشعر بالحاجة إلى التحرك" (للتفاوض الآن).
وزاد: "قال كبار مسؤولي حماس في الأيام الأخيرة إنه لن يتم إطلاق سراح المزيد من المختطفين إلا كجزء من صفقة شاملة، يتم بموجبها إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل".
وفي السياق، قال المحلل الإسرائيلي إن تل أبيب أيضا "ليست في عجلة من أمرها للتوصل إلى اتفاق".
واستدرك: "على الرغم من الظروف القاسية التي يعاني منها الرهائن، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 20 منهم".
واعتبر هارئيل أن عدم إسراع القيادة الإسرائيلية لإتمام صفقة أخرى يعود إلي "خشية" رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من رد الفعل المحتمل من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف.
وقال: "أحد الأسباب هو الضغط السياسي: يخشى نتنياهو أن يُنظر إليها (صفقة التبادل) على أنها استسلام لمطالب حماس وتعطيل للعملية البرية (بدأت في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
والأحد الماضي، شدد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، علي أنه "لن يخرج أحد من الأسرى أو المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة إلا من خلال التبادل المشروط الذي أعلنته المقاومة الفلسطينية منذ بداية معركة طوفان الأقصى".
وترفض المقاومة الفلسطينية الكشف عن عدد المحتجزين الإسرائيليين لديها، كما لا يوجد إعلان إسرائيلي رسمي حول عدد المحتجزين المتبقين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
لكن وسائل إعلام عبرية قدرت العدد بنحو 137، بعد الإفراج عن أكثر من 100 محتجز وأجنبي خلال الهدنة الإنسانية المؤقتة التي انتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، واستمرت 7 أيام.
وكان أبو عبيدة أعلن في بيانات متفرقة مقتل عدد من المحتجزين الإسرائيليين، إثر الغارات الإسرائيلية المتواصلة علي قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.
ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على خلّفت حتى الأربعاء، 18 ألفا و608 شهداء و50 ألفا و594 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت حركة "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة.
وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم خلال صفقة التبادل التي انتهت بانقضاء الهدنة المؤقتة مطلع ديسمبر، وفق وسائل إعلام عبرية رسمية.
المصدر: الأناضول