نبوءة ذكرت في الكتاب المقدس – العهد القديم (التوراة) بسفر إشعياء المؤلف من 66 إصحاحا، وإشعياء نبي يهودي لمملكة يهوذا الجنوبية، وهو من كتب سفر إشعياء الذي ذكرت فيه عدة نبوءات.
وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليلا لهجوم الاحتلال بريا على قطاع غزة في أعقاب عمليته "السيوف الحديدة" في أكتوبر/تشرين الأول الجاري أنه سيحقق "نبوءة إشعياء".
إشعياء النبي
إشعياء نبي من أنبياء الله عند اليهود، ولقب بـ"النبي الإنجيلي" لكثرة كتابته عن المسيح، وهو من نسل ملكي، والده آموص، وقيل إنه أخو أمصيا ملك يهوذا. عرف بشخصيته القوية وتأثيره على رجال الدولة، وكان مصلحا اجتماعيا.
امتدت رسالته لما يزيد على 60 عاما، وعاش قرابة 80 عاما، وعاصر ملوك يهوذا: عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا، ويعتبره اليهود أحد أعظم أنبياء العهد القديم. وقتل بمنشار خشبي في زمان حكم الملك منسَّى (مَنْ ينسى).
سفر إشعياء
يتكون السفر من 66 إصحاحا، ويعد أحد أعمق الكتابات اللاهوتية والأدبية في الكتاب المقدس. كتبه النبي إشعياء، وجمع السفر على مدار قرنين، بدءا من النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد إلى النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد. وأتت كتابته بشكل شعري ما عدا عدة إصحاحات، وهو ما ميّزه عن غيره، حتى عده اليهود أعظم أنبياء العهد القديم.
يعد "سفر إشعياء" نصا رئيسيا من العهد القديم، وهو ليس بنبوءة واحدة، وإنما عدة نبوءات، منها ما تحدث عن سبي الشعب اليهودي إلى بابل وعودته، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس، وهو حسب غالبية الدراسات الكتابية عمل جماعي، نصفه تقريبا كتبه النبي إشعياء والباقي تلاميذه نقلا عنه، ويتكون من 66 فصلا، ويتناول نهاية منفى الشعب اليهودي، وإعادة بناء الهيكل في القدس، ونهاية الزمان.
ويتحدد مجال نبوءاته في 3 أوجه: الأول نبوءات دنيوية عن إسرائيل، والثاني نبوءات مشؤومة عن سقوط بعض الدول ودمارها، والثالث خلاص اليهود، وشمل إلى جانب ذلك جوانب دينية وسياسية وتاريخية.
وكانت الإصحاحات من 1 إلى 5 عبارة عن لوم لبني إسرائيل، إذ يوبخهم إشعياء ويلومهم أشد اللوم بسبب تورطهم في الرشاوى وبسبب فساد قضائهم وظلمهم للمساكين، وبذخهم وترفهم، وطمعهم وسكرهم وانعدام الأخلاق لديهم. ثم يشير لاحقا إلى عودة اليهود من ضلالهم وانحرافهم وتجاوزاتهم.
وذكر في الإصحاح أن دمشق والسامرة ستسقطان، وتنبأ بتمدد حكم الآشوريين على الشرق الأوسط، وذكر أن بابل ستشكل خطرا على مملكة يهوذا، وأن على الأخيرة ألا تعتمد على مصر في محاربة الآشوريين، وذكر أن الخلاص والنصر "بيد الله وأنه السند والحليف الوحيد لبني إسرائيل".
نتنياهو و"نبوءة إشعياء"
ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "نبوءة إشعياء" خلال خطاب متلفز يوم الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقال "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام".
وأشارت تقارير صحفية إلى أنه قال ذلك لتبرير سعيه إلى "تدمير" حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة في قطاع غزة.
وأضاف نتنياهو "سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر".
ويبدو أن نتنياهو استمد تشبيهه من فقرات 1-2 في الإصحاح 9 من سفر إشعياء يقول "لكن لن يخيم ظلام على التي تعاني من الضيق، فكما أذل الله في الزمن الغابر أرض زبولون ونفتالي، فإنه في الزمن الأخير يكرم طريق البحر وعبر الأردن، جليل الأمم. الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما، والمقيمون في أرض ظلال الموت أضاء عليهم نور"، وكأن إسرائيل هي أهل النور الذين يجب أن ينتصروا على أهل الظلام أي الفلسطينيين، في السياق الجيوسياسي الحالي.
مصير مصر
كما تحيل كلمة نتنياهو أيضا إلى الإصحاح 60 وعنوانه "إشراق نور الرب"، والذي يقول "ولا يُسمع بعد ظلم في أرضك، ولا دمار أو خراب داخل تخومك، بل تسمين أسوارك خلاصا، وأبوابك تسبيحا".
وفي الجزء الثاني من حديثه عن القتال والنصر، فقد يكون قصد ما ذكر في إصحاح 11، الذي يقول "فيعود الرب ليمد يده ثانية ليسترد البقية الباقية من شعبه، من أشور ومصر وفتروس وكوش وعيلام وشنعار وحماة، ومن جزائر البحر، وينصب راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ومشتتي يهوذا من أطراف الأرض الأربعة، وينقضون على أكتاف الفلسطينيين غربا ويغزون أَبناء المشرق معا، ويستولون على بلاد أَدوم وموآب، ويخضع لهم بنو عمون".
وفيما بقي يتكلم الإصحاح 11 بعنوان "مصير مصر" عن خراب مصر وما سيحل بها وعن جفاف نيلها وأرضها، وأنه سيولى عليها ملك عنيف قاس، وستكون مصدرا للذعر والرعب لكثير من الأمم، وستهزم من قوى خارجية، وستكون في فترة ملجأ آمنا للمعوزين والمضطهدين، ثم تعود للرب عبر تقديم النذر والتضحيات، وبعدها تتحالف مع آشور.
وانتقدت عالمة الكتاب المقدس آن ماري بيليتييه "الإشارة المبتذلة"، وقالت إن الذي يسير في الظلام في سفر إشعياء ليس "العدو" المجاور، بل الشعب اليهودي نفسه، الذي يمر "بكل تأكيد بمحنة سياسية وروحية"، مشددة على أن معنى النص لا يدعم ما ذهب إليه نتنياهو، خاصة أن هذا الكتاب معقد للغاية و"لا يمكن فهمه إلا في ضوء السياق التاريخي في ذلك الوقت".
يشار إلى أنه لم يرد في القرآن ولا السنة النبوية ذكر لنبي بهذا الاسم، وليس هناك دليل على إثبات نبوة "إشعياء" أو نفيها.
المصدر : مواقع إلكترونية