كشفت الاستخبارات البريطانية اليوم السبت عن تقديرات بشأن القتال في أوكرانيا خلال الهدنة التي أعلنتها موسكو، وفي حين أفادت أنباء بتقدم القوات الروسية داخل مدينة سوليدار بإقليم دونباس (شرق)، أحيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قداس عيد الميلاد في كنيسة للقياصرة بالكرملين في وقت يسعى المسؤولون الروس لإضفاء قدسية على الحرب في الجارة الغربية.
ففي تقريرها اليومي التي يتضمن تقييما للتطورات الميدانية في أوكرانيا، قالت الاستخبارات البريطانية إن القتال استمر في أوكرانيا خلال عيد الميلاد عند المسيحيين الأرثوذكس بنفس مستواها المعتاد.
وأضافت أن القتال الأكثر عنفا لا يزال يدور حول مدينة كريمينا في منطقة لوغانسك التي تشكل مع منطقة دونيتسك المجاورة إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
وتابعت الاستخبارات البريطانية أن القتال تركز في الأسابيع الثلاثة الماضية في غابات تقع غرب كريمينا، مشيرة على أن الطرفين الأوكراني والروسي يواجهاان صعوبة في توجيه الصف بسبب نقص الرؤية.
وكانت القوات الأوكرانية أعلنت في وقت سابق أنها أحكمت سيطرتها النارية على الطريق المؤدي إلى مدينة كريمينا.
قتال رغم الهدنة
ميدانيا أيضا، تواصل القتال في محاور عدة بشرق أوكرانيا على الرغم من الهدنة التي أعلنتها موسكو، والتي تنتهي بحلول منتصف الليلة المقبلة، ووسط اتهامات متبادلة بانتهاكها.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت أن الجيش الروسي ملتزم بهدنة وقف إطلاق النار على طول خط التماس في أوكرانيا، لكن كييف اتهمت موسكو بمواصلة هجماتها ووصفت الهدنة بالمسرحية.
وأعلن الجيش الأوكراني اليوم السبت أن قواته لا تزال تسيطر على مدينة سوليدار الإستراتيجية القريبة من مدينة باخموت بمنطقة دونيتسك.
وأضاف الجيش الأوكراني أن القتال لا يزال مستمرا في محيط المدينة في ظل استخدام القوات الروسية للأسلحة الثقيلة.
الرواية الروسية للتطورات
ويأتي ذلك بعد إعلان القوات الروسية تقدمها إلى أحياء المدينة، وتأكيد قوات لوغانسك الموالية لروسيا أن القوات الأوكرانية تلقت أوامر بالانسحاب من سوليدار.
وتحدثت وزارة الدفاع الروسية عن إحباط هجوم أوكراني على محور دونيتسك ومقتل نحو 50 عسكريا أوكرانيا، كما تحدثت عن قصف أوكراني لمواقع الجيش الروسي في محور كراسني ليمان بمنطقة لوغانسك.
كما أعلنت السلطات الموالية لروسيا في دونيتسك أن القوات الأوكرانية واصلت قصف المناطق الخاضعة لسيطرتها الليلة الماضية وصباح اليوم السبت.
في المقابل، اتهم رئيس الإدارة العسكرية الأوكرانية في لوغانسك سيرغي هايداي القوات الموالية لروسيا بخرق الهدنة التي أعلنتها موسكو من طرف واحد، مؤكدا استمرار القوات الروسية في قصف المواقع الأوكرانية على أكثر من جبهة خلال الساعات الماضية.
وفي مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرق)، قالت السلطات الأوكرانية إن القوات الروسية أقدمت خلال الساعات الـ24 الماضية على قصف البنية التحتية في 12 منطقة وبلدة، وإنها تواصل محاولتها إجبار سكان المقاطعة على استخراج جوازات سفر روسية.
وفي تطور ميداني آخر، أعلن حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم الموالي لروسيا أن الدفاعات الجوية أسقطت اليوم السبت طائرة مسيرة في أجواء المدينة.
ومنذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط من العام الماضي، تعرضت شبه جزيرة القرم -التي ضمتها روسيا إليها عام 2014- لسلسلة هجمات بطائرات مسيرة كانت جميعها تستهدف الأسطول البحري الروسي المتمركز في ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود.
في كنيسة للقياصرة
على صعيد آخر، حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمفرده قداس منتصف الليل بمناسبة عيد الميلاد للكنيسة الأرثوذكسية حسب التقويم الشرقي.
وبدلا من الانضمام إلى المصلين الآخرين في احتفال عام، ظهر بوتين وحيدا في وشارك في مراسم الصلاة في كنيسة كاتدرائية البشارة بالكرملين التي صُممت في الأساس للقياصرة الروس.
ونشر الكرملين صورا له يظهر فيها وحيدا بينما ترأس كهنة أرثوذكس برداءات مذهّة المراسم حاملين شموعا طويلة.
وفي بيان أصدرته الرئاسة الروسية اليوم السبت، أشاد بوتين بدعم الكنيسة الأرثودكسية الروسية للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والتي يسميها القادة الروس "عملية عسكرية خاصة".
وقال بوتين إنه يعتبر الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قوة مهمة لتحقيق الاستقرار في المجتمع في وقت قال إنه يشهد صداما تاريخيا بين روسيا والغرب بسبب أوكرانيا وقضايا أخرى.
إضفاء بعد ديني ومقدس على الحرب
ووفقا لوكالة رويترز، يوجد في روسيا 100 مليون مسيحي أرثودكسي من بين 260 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم.
وكانت الكنيسة الأرثودكسية الروسية قد أيدت بقوة الحرب التي تشنها روسيا على جارتها الغربية.
ومنذ عدة أسابيع، تحاول موسكو إضفاء بعد ديني ومقدس على هجومها على أوكرانيا، غير أن هذا الخطاب يحدث انقساما حتى داخل الكنيسة الأرثوذكسية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
والأسبوع الماضي، قال الرئيس الروسي في رسالة بمناسبة رأس السنة الجديدة إن "الحق الأخلاقي والتاريخي إلى جانب" روسيا في هذه الحرب.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إن "الهدف المقدس" للهجوم على أوكرانيا هو "إيقاف سيد الجحيم"، وفق تعبيره.
وفي السياق، أرسلت موسكو عشرات الكهنة إلى جبهة القتال لدعم الجنود.
(الجزيرة )