أمر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الأربعاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قواته بالانسحاب من الضفة الغربية لنهر دنيبرو في مدينة خيرسون الاستراتيجية، الواقعة بجنوب أوكرانيا، والتي تركز كييف هجماتها عليها بشكل كبير.
يمثل ذلك واحدة من أكبر عمليات الانسحاب الروسية، وربما يشكل نقطة تحوُّل في الحرب التي تقترب الآن من نهاية شهرها التاسع، وفقاً لما قالته وكالة رويترز.
في حين قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن هذا الانسحاب "يشكل انتكاسةً جديدة للكرملين"، إذ إن خيرسون كانت أول الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية بعد اجتياحها المدينة في الأيام الأولى للهجوم على أوكرانيا.
تُعتبر منطقة خيرسون استراتيجية، إذ إنها تقع على حدود شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّتها موسكو عام 2014، وهي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي تمكنت موسكو من السيطرة عليها.
الجنرال سيرغي سوروفكين، القائد العام للقوات الروسية، قال في كلمة عبر التلفزيون، إنه لم يعد من الممكن توصيل الإمدادات إلى مدينة خيرسون، وأشار إلى أنه اقترح إقامة خطوط دفاعية على الضفة الشرقية للنهر.
أضاف سوروفكين: "سننقذ أرواح جنودنا والقدرة القتالية لوحداتنا. إبقاؤهم على الضفة اليمنى (الغربية) بلا جدوى. يمكن استخدام بعضهم على جبهات أخرى".
كانت مدونات حربية روسية مؤثرة على الإنترنت قد توقعت إعلان الانسحاب ووصفته بأنه "ضربة مريرة"، وجاء في مدونة (وور جونزو) التي تضم أكثر من 1.3 مليون مشترك على تليغرام: "من الواضح أننا سنغادر المدينة، رغم مرارة ألم الكتابة عن ذلك الآن".
كذلك كان كيريل ستريموسوف، نائب رئيس الإدارة في خيرسون الذي عينته روسيا، قد قال نهاية الأسبوع الماضي، إنه من المرجح أن تسحب روسيا قواتها من الضفة الغربية، وكان أكثر غموضاً في تصريحات لاحقة حين عبر عن أمله في ألا يكون هناك انسحاب، وأضاف مستدركاً: لكن "علينا اتخاذ بعض القرارات الصعبة جداً".
جاء هذا التطور بعد أسابيع من التقدم الأوكراني نحو المدينة، وجهود روسيا لترحيل أكثر من 100 ألف من سكانها.
تُعد مدينة خيرسون واحدة من المناطق التي أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم 30 سبتمبر/أيلول 2022، عن ضمها إلى جانب لوغانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا إلى الأراضي الروسية، ما أثار رفضاً وتنديداً واسعين من أوكرانيا وحلفائها الغربيين.
كانت رئيسة المكتب الإعلامي لقوات الدفاع الجنوبية في أوكرانيا، ناتاليا غومينيوك، قد قالت الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن إجلاء روسيا للمدنيين وبعض الوحدات العسكرية من خيرسون قد يكون مكيدة وخطوة لمحاصرة جيش بلادها في المنطقة.
أشارت غومينيوك إلى أن المناطق السكنية التي استعادتها القوات الأوكرانية في خيرسون كانت مدمرة بنسبة 80%، وأضافت: "كثير من القرى في المنطقة دُمرت بالكامل ولم يبق من المنازل سوى الأعمدة والجدران، ولم نر منازل صالحة للاستخدام في كثير من القرى".
في موازاة انسحاب القوات الروسية عند نهر دنيبرو، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن موسكو "مستعدة" لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا شرط مراعاة ما يتم تحقيقه على الأرض.
من جهتها، تؤكد كييف اعتزامها مواصلة المعارك ضد القوات الروسية، وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساء الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بألا تتخلى قواته ولو عن "شبر واحد"، في المعارك الدائرة للسيطرة على منطقة دونيتسك الشرقية.
تقع النقاط المحورية للصراع بالمنطقة الصناعية في دونيتسك حول بلدات باخموت وسوليدار وأفدييفكا، مسرح أعنف قتال في أوكرانيا منذ غزو القوات الروسية في أواخر فبراير/شباط 2022.
زيلينسكي قال في خطاب مصور، إن "المحتلين لا يزالون نشطين للغاية، عشرات الهجمات كل يوم"، بحسب تعبيره، وأضاف: "إنهم يتكبدون خسائر كبيرة. لكن الأمر لا يزال كما هو، التقدم صوب الحدود الإدارية لمنطقة دونيتسك. لن نتخلى عن شبر واحد من أرضنا".
يُذكر أن روسيا كانت قد اضطرت إلى سحب قواتها من منطقة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا بسبب الهجمات الأوكرانية، وأثار انسحابها غضباً في روسيا، حيث اعتبر البعض مغادرة المنطقة بمثابة انتكاسة للقوات الروسية في أوكرانيا.
يُشار إلى أن روسيا تشن منذ 24 فبراير/شباط 2022، هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم- في مقدمتها واشنطن- إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.
(عربي بوست)