أكدت الولايات المتحدة، أنها ستعطي الأولوية للتفوق على الصين التي تعتبرها منافسها العالمي الوحيد في وقت تعمل أيضا على كبح جماح روسيا "الخطرة".
وطرح البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إستراتيجية طال انتظارها للأمن القومي تسعى إلى احتواء صعود الصين، بينما تعيد التأكيد على أهمية العمل مع الحلفاء للتصدي للتحديات التي تواجه الدول الديمقراطية.
ولا تتضمن الوثيقة، المكونة من 48 صفحة والتي تأخر طرحها بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، أي تحولات كبرى في العقيدة السياسية ولا تقدم أي نظريات جديدة في سياسة بايدن الخارجية.
وأعلن البيت الأبيض في إستراتيجيته أن عشرينيات القرن الـ21 ستكون "عقدا حاسما لأميركا والعالم" من أجل الحد من الصراعات ومواجهة التهديد الرئيسي المشترك المتمثل في تغير المناخ.
وأورد التقرير أن "التحدي الإستراتيجي الأكثر إلحاحا الذي يواجه رؤيتنا مصدره القوى التي تجمع بين الحكم الاستبدادي وسياسة خارجية تحريفية".
الصين التحدي الأكبر
وورد في الوثيقة أنه حتى بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، فإن الصين لا تزال تشكل التحدي الأكثر أهمية للنظام العالمي.
وجاء في نصها "سنعطي الأولوية للحفاظ على أفضلية تنافسية دائمة على جمهورية الصين الشعبية، مع تقييد روسيا التي لا تزال شديدة الخطورة".
وأضاف أن روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين "تشكل تهديدا مباشرا للنظام الدولي الحر والمفتوح، وتنتهك اليوم بشكل متهور القوانين الأساسية للنظام الدولي، كما أظهرت حربها العدوانية الوحشية ضد أوكرانيا".
أما الصين "في المقابل، فهي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي وتملك بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتحقيق هذا الهدف".
ورغم نفي بكين المتكرر أنها تسعى إلى الهيمنة، ترى الوثيقة الإستراتيجية الأميركية أن لدى الصين "طموحات لإنشاء مجال نفوذ معزّز في المحيطين الهندي والهادي وأن تصبح القوة الرائدة في العالم".
كما ربط البيت الأبيض الصين الصاعدة بتعهدات بايدن إعطاء الأولوية للطبقة الوسطى في الولايات المتحدة، قائلا إن بكين تسعى إلى جعل العالم يعتمد على اقتصادها مع الحد من الوصول إلى سوقها التي يزيد عدد مستهلكيها على مليار شخص.
أميركا هي الركيزة
وتؤكد الوثيقة وجهة نظر البيت الأبيض بأن القيادة الأميركية هي الركيزة الأساسية للتغلب على تهديدات عالمية مثل التغير المناخي وصعود أنظمة استبدادية.
كما جاء فيها أن الولايات المتحدة لا بد أن تفوز بسباق التسلح الاقتصادي مع القوى العظمى إن كانت تأمل في مواصلة ممارسة نفوذها على مستوى العالم.
وفي ظل مصالحة بين إسرائيل ودول خليجية عربية، دعت الإستراتيجية إلى "شرق أوسط أكثر اندماجا" من شأنه أن يقلل على المدى الطويل "مطالب الموارد" من الولايات المتحدة التي وفرت حماية للدول المنتجة للنفط لعقود.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان "لا أعتقد أن الحرب في أوكرانيا قد غيرت بشكل جذري مقاربة جو بايدن للسياسة الخارجية والتي تبناها قبل فترة طويلة من توليه الرئاسة".
وأضاف في تصريح للصحفيين "لكنني أعتقد أنها توضح العناصر الأساسية لمقاربتنا – التركيز على الحلفاء وأهمية تقوية العالم الديمقراطي والدفاع عن الديمقراطيات الصديقة والقيم الديمقراطية".
نظام عالمي
وقال سوليفان إن الصين عاقدة العزم وقادرة، بشكل متزايد، على إعادة تشكيل النظام العالمي لصالح نظام من شأنه أن يميل بالساحة العالمية لما فيه صالحه، "حتى وإن بقيت الولايات المتحدة ملتزمة بإدارة المنافسة بين دولتينا بشكل مسؤول".
وأوضح سوليفان أن على الولايات المتحدة أن تدير العلاقة مع الصين بينما تتعامل مع مجموعة من التحديات الانتقالية التي تؤثر على الناس في كل مكان، ومن ضمنها التغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي والأمراض المعدية والإرهاب ونقل الطاقة والتضخم.
وتتوافق الإستراتيجية إلى حد كبير مع التوجيهات المؤقتة التي وضعتها الإدارة الأميركية بعيد تولي بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني 2021، حتى مع تركيزها في معظم هذا العام على حشد الحلفاء ضد الغزو الروسي لأوكرانيا ومدّ الأخيرة بأسلحة بمليارات الدولارات.
ا(وكالات)