مع ساعات صباح الجمعة، انتشرت قوات الاحتلال في الشوارع الرئيسية بمدينة القدس، وأوقفت الحافلات والسيارات الخاصة، دققت بالهويات وفحصتها في إجراء تخويفي وتضييقي متكرر، لكنه يعكس جانبا من واقع المدينة التي تترقب تطورات الأحداث فيها مع “مسيرة الأعلام” التي من المتوقع أن تنطلق عصر الأحد المقبل.
إلى جانب التفتيش والتدقيق بالهويات والاحتجاز، نفذت الشرطة حملة اعتقالات عشوائية كبيرة بحق مجموعة من النشطاء المقدسيين وفلسطينيين من مناطق 1948.
وصباح اليوم، انتشرت قوات الشرطة الإسرائيلية أيضا في منطقة شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة، الذي يعتبر شارعا رئيسيا في المدينة، كما أن منطقة “باب العامود” مساء الخميس شهدت حضورا استيطانيا وأمنيا، وشهدت مناوشات بين مقدسيين ورجال الشرطة، حيث اعتدت الشرطة على المقدسيين وحاولت تفريقهم وأمّنت الحماية للمستوطنين وسمحت لهم باقتحام المنطقة واستعراض أعلامهم في محاولات استفزازية مستمرة.
وبحسب شهود عيان، فإن تواجد المستوطنين، مساء أمس، كان انتشارا مُسلحا.
ووثق صحافيون قيام المستوطنين بعرقلة عمل طواقم إعلامية كانت تتواجد لتغطيته الأحداث.
يشار إلى أن شرطة الاحتلال بدأت استعدادها فعلياً لاحتمالية وقوع مواجهات، على خلفية المسيرة حيث أمر قائد شرطة الاحتلال برفع حالة التأهب، ونشر 3 آلاف عنصر، إضافة لنشر مئات العناصر في مدن الداخل الفلسطيني.
ومن المتوقع أن يرافق المسيرة تنفيذ اقتحام جماعي للمسجد الأقصى في ذكرى احتلال شرقي القدس، ورفع الأعلام في باحاته، وأداء الطقوس التلمودية.
وتجلت تحضيرات الاحتلال بعمليات قمع واعتقال وإبعاد لمجموعة كبيرة من النشطاء والمقدسيين وحراس المسجد الأقصى. وقضت سلطات الاحتلال خلال اليومين المنصرمين بإبعاد عشرات الشُبّان الفلسطينيين، عن المسجد الأقصى لمدّة عشرة أيام، عقب استدعائهم للتحقيق. إلى جانب اعتقال عشرات الشبان من أحياء المدينة المحتلة.
وعُرف من المعتقلين يزن الحرباوي وحمزة الجولاني عقب دهم منزليهما في البلدة القديمة فجر الجمعة، إلى جانب اعتقال إياد أبو سنينة، من حي الشيخ جراح، ويزن صيام من منزله في حي وادي حلوة ببلدة سلوان، بحسب مركز معلومات وادي حلوة.
كما اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي، أمس، خمسة مقدسيين عبر اقتحام شرطة ومخابرات الاحتلال منازل روحي كلغاصي، ومحمد الدقاق، وسامر أبو عيشة، ومحمود الشاويش، ومحمد نجيب.
كما حولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، الشاب عثمان جلاجل من بيت حنينا شمال القدس المحتلة للاعتقال الإداري لمدة ستة شهور.
وكان الشاب جلاجل اعتقل على أحد أبواب المسجد الأقصى. وبناء على طلب مخابرات الاحتلال تم تمديد احتجازه لمدة أربعة أيام، فيما قررت مخابرات الاحتلال لاحقا تحويله إلى الاعتقال الإداري، دون محاكمة.
وبحسب مصادر صحافية إسرائيلية فإن أكثر من 100 عملية اعتقال نفذتها شرطة الاحتلال لشبان من القدس ومناطق 48 في محاولة لتأمين مسيرة الأعلام بالقدس يوم الأحد المقبل.
إضافة إلى الاعتقالات، سلمت سلطات الاحتلال عدداً من الشبان أوامر استدعاء لتسليمهم قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى، ومن هؤلاء من يعيش في المدن الفلسطينية في مناطق 48: براء جبارين ومحمد أبو شقرة ومحمد محاجنة وعلاء جبارين وإسلام مناصرة ومحمد مقبل جبارين وفرج محاميد ومحمد شريف جبارين.
إلى جانب ذلك استدعت سلطات الاحتلال نحو 10 شبّان فلسطينيين من مدينة أم الفحم، للتحقيق معهم على خلفية رباطهم في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الماضي.
تهيئة المناخ
وقال المحامي أحمد خليفة في تصريحات صحافية، إن قرارات الإبعاد بحق الشبان في مدينة أم الفحم هي تهيئة مناخ لاقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى يوم الأحد المقبل.
وأضاف خليفة إن الاحتلال يحقق بشكل شكلي في قضية الاعتكاف؛ والهدف من هذه التحقيقات هو إبعاد المرابطين عن المسجد الأقصى في الـ10 أيام المقبلة.
كما قامت شرطة الاحتلال في القدس بتسليم رئيسة قسم الحارسات في المسجد الأقصى، زينات أبو صبيح قرارا بإبعادها عن المسجد الأقصى لمدة ستة أيام.
وأفادت أبو صبيح في حديث صحافي أن شرطة الاحتلال استدعتها للتحقيق في مركز “القشلة” في باب الخليل لتسلّمها أمرا بإبعادها عن المسجد الأقصى لـ6 أيام.
وأوضحت: “اتهموني بإثارة الشغب، وأن وجودي في الأقصى يسبب الفوضى والمشاكل، وأنا رفضت تلك التهم جملة وتفصيلا، ورفضت التوقيع على قرار إبعادي”.
بدوره، قال محافظ القدس عدنان غيث، في حديث صحافي، إن مسيرة الأعلام الاستفزازية التي ينوي الاحتلال تنفيذها، لن تثني أبناء شعبنا عن مواصلة الرباط والدفاع عن هذه الأرض.
وقال غيث إن الاحتلال يمارس البلطجة بالقوة العسكرية عبر إجراءاته العنصرية لفرض السيادة على القدس المحتلة، مؤكدا أن لا سيادة على المدينة المقدسة سوى للفلسطينيين.
وشدد على أن ما يجري في القدس المحتلة من هدم للمنازل وتشريد الأهالي وحملة الاعتقالات واقتحامات المسجد الأقصى يتنافى مع الأعراف وكافة المواثيق الدولية.
وبحسب صحيفة معاريف، فإن جيش الاحتلال أعلن أنه سيوافق جزئيا على طلب شرطة الاحتلال لنقل أربع كتائب من حرس الحدود من الضفة الغربية إلى القدس، في ظل مخاوف من تصعيد أمني.
ونشرت قناة كان الإسرائيلية، أن السفارة الأمريكية في إسرائيل قررت منع مسؤولي الحكومة الأمريكية والدبلوماسيين وعائلاتهم من زيارة البلدة القديمة بالقدس ابتداءً من مساء اليوم وحتى يوم الإثنين المقبل، بسبب إقامة مسيرة الأعلام. وحذرت رعاياها من دخول البلدة القديمة بالقدس بالتزامن مع المسيرة.
معركة نصرة الأقصى
في المقابل، تكثفت دعوات الاحتشاد والتواجد والرباط في المسجد الأقصى، حيث وجهت فعاليات وطنية وشعبية دعوات للتواجد وتلبية نداء الأقصى.
وفي بيان صادر عن القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس، اعتبر أن الأحد سيكون يوم “نصرة للأقصى والعلم الفلسطيني”.
وطالب البيان بضرورة تكثيف التواجد والحضور في ساحات وباحات المسجد الأقصى للتصدي لعمليات الاقتحام للجماعات الاستيطانية. مع ضرورة التواجد بشكل كثيف عصر الأحد في ساحة باب العامود ومحيطها، من أجل منع ما يسمى مسيرة الأعلام الإسرائيلية من الوصول للساحة التي يحاول الاحتلال أن يثبت أنه صاحب السيادة عليها، ويسعى لعبرنتها وتهويدها.
ودعا البيان تجار القدس، خارج أسوارها وداخل البلدة القديمة على وجه الخصوص بفتح محلاتهم التجارية وعدم إغلاقها، كي لا يشكل ذلك فرصة للمتطرفين والمشاركين في مسيرة “الأعلام الإسرائيلية”، من استباحة المدينة وممارسة عربدتهم فيها.
وطالب الجميع برفع العلم الفلسطيني ونصرته بصفته رمزا من رموز السيادة في المدينة.
(القدس العربي)