مع ترقبها رداً غربياً على مقترحاتها بشأن الضمانات الأمنية، تواصل موسكو إصدار إشارات برفضها انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ونشر عناصر لبنيته التحتية على أراضيها، إذ أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، عن قلقه من نشر عناصر لمنظومة الدرع الصاروخية الأميركية بالقرب من الحدود الروسية، بما في ذلك احتمال ظهور منظومات صاروخية في أوكرانيا.
وقال بوتين، في اجتماع موسَّع لهيئة وزارة الدفاع ضم كوادر الجيش الروسي: "يقلقنا جداً أنه تُنشَر عناصر للدرع الصاروخية العالمية الأميركية بالقرب من روسيا".
وأشار إلى أنّ منصات الإطلاق "إم كيه-41" المترابطة في رومانيا والمزمع نشرها في بولندا، مهيّأة لاستخدام صواريخ "توماهوك"، مضيفاً: "إذا واصلت هذه البنية التحتية تمددها، وإذا ظهرت منظومات صاروخية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، فإنّ مدة وصولها إلى موسكو ستنخفض إلى 7 - 10 دقائق، وإلى 5 دقائق في حالة نشر الأسلحة فرط الصوتية" (يمكن الصاروخ فرط الصوتي، أو هايبر سونيك، الانطلاق أسرع خمس مرات من سرعة الصوت، على الأقل، مجتازاً ميلاً أو 1.6 كيلومتر كل ثانية).
وتوعّد بوتين بالرد "عسكرياً تقنياً" إذا لم يضع خصومه الغربيون حداً لسياستهم التي تعتبرها روسيا عدوانية، على خلفية التوتر المتزايد حول أوكرانيا.
وقال إنّه "في حال استمرار الموقف العدواني الواضح من جانب زملائنا الغربيين، سنتخذ تدابير عسكرية-تقنية انتقامية مناسبة".
من جهته، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى بدء الحوار مع الولايات المتحدة حول الضمانات الأمنية، مؤكداً أنّ هناك تفاهماً على إطار المفاوضات المستقبلية.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي، في ختام محادثاته مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، في منتجع سوتشي: "هناك تفاهم على الأطر، وهناك تفاهم بشأن الجهات التي ستكون متمثلة في المفاوضات، والأهم الآن بدء هذه المفاوضات في إطار عملي".
من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، اليوم الثلاثاء، إنّ الحلف سيسعى إلى إجراء مناقشات "جادة" مع موسكو مطلع العام المقبل لتبديد المخاوف من أفعال روسيا.
ونقلت "رويترز" عن ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي ببروكسل قوله "ما زلنا مستعدين لإجراء حوار جاد مع روسيا، وأعتزم الدعوة لعقد اجتماع مع مجلس (حلف الأطلسي-روسيا) في أسرع وقت ممكن من العام الجديد".
وتابع "لا بد من أن يكون الحوار مع روسيا قائماً على المبادئ الأساسية للأمن الأوروبي ويعالج مخاوف الحلف من أفعال روسيا. ولا بد من أن يُجرى (الحوار) بالتشاور مع شركاء الحلف الأوروبيين ومن بينهم أوكرانيا".
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد نشرت، في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مسوَّدات اتفاقين مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" حول الضمانات الأمنية، واقتضى أحد البنود تقديم "الناتو" ضمانات بعدم قبول انضمام أوكرانيا إلى عضوية الحلف.
ويتهم الأميركيون والأوروبيون روسيا بالتحضير لهجوم عسكري على أوكرانيا. وتقول روسيا إنها ترد على ما تعتبره تهديداً لأمنها نتيجة علاقات أوكرانيا المتزايدة بحلف الأطلسي (الناتو) وتطلعها للانضمام إليه. وهي تقول إنّ الخطة الأمنية المقترحة وسيلة لنزع فتيل التوتر في أوروبا لتجنب المواجهة العسكرية.
وحذّر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، آنذاك من أنه إذا لم يردّ "الناتو" والولايات المتحدة على المطالب الروسية بالضمانات الأمنية، فإنّ ذلك قد يؤدي إلى حلقة جديدة من المواجهة.
في الأثناء، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، عن خيبة أمله إزاء تردد حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي المتحفظين حيال ضغوط كييف التي تريد الانضمام إلى التكتلين على خلفية أزمة مع موسكو.
وقال زيلينسكي للسلك الدبلوماسي الأوكراني "لا يمكننا قبول الفكرة التي تحظى بشعبية كبيرة اليوم حول (انضمام أوكرانيا إلى) الاتحاد الأوروبي خلال ثلاثين عاماً و(إلى) الحلف الأطلسي خلال خمسين عاماً. هذا يثبط الجميع ويبطئهم".
وأضاف زيلينسكي، خلال اجتماع في غرب البلاد، أنّ أوكرانيا تطمح إلى "الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة المقبلة وإلى أن تحصل على جدول زمني للانضمام إلى الحلف الأطلسي ... نريده في 2022".
وأوكرانيا، الجمهورية السوفييتية السابقة وإحدى أفقر دول أوروبا، تضم أربعين مليون نسمة وتطمح للانضمام الى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي اللذين يدعمانها في مواجهة موسكو لكنهما يستبعدان انضمامها حالياً.
وتعتبر روسيا توسيع الحلف ليشمل دولاً من الاتحاد السوفيتي السابق خطًا أحمر فهي ترى في الغرب منافساً استراتيجياً لها.
(العربي الجديد)