ردت روسيا على اتهامات بولندية لبيلاروسيا على خلفية تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين، ومن بينهم عراقيون، إلى الحدود بين البلدين، وطالبت بولندا باستقبالهم، فيما نددت بولندا الثلاثاء بتدفق موجة من المهاجرين من بيلاروسيا باعتباره "هجوما هجينا" على الاتحاد الأوروبي برمته.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في تصريحات نشرتها الصحافة الروسية: "من الأجدى بالسياسيين البولنديين الذين يهاجمون الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو ويتهمون مينسك بإحداث أزمة المهاجرين العراقيين، أن يتذكروا أن وارسو لعبت دورا بارزا في تدمير العراق".
وأضافت أن أكثر من ألفي جندي بولندي دخلوا العراق ضمن قوات الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة "لإحلال الديمقراطية" في ربوعه. وتساءلت زاخاروفا عما إذا كانت بولندا مستعدة اليوم لاستقبال "ألفي عراقي على الأقل، من اللاجئين".
وأعلن الكرملين الثلاثاء أن لوكاشينكو ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حليفه الرئيسي، تحدثا هاتفيا وبحثا التوتر على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، وقال في بيان إن الرئيسين "تبادلا وجهات النظر حول وضع اللاجئين"، فيما يحتشد مئات المهاجرين على الحدود وسط الصقيع، في وضع اتهمت وارسو مينسك بتدبيره.
وأكد لوكاشينكو الثلاثاء أن بلاده "لن تركع" في أزمتها مع الاتحاد الأوروبي بشأن آلاف المهاجرين المتجمعين على الحدود البولندية.
من جانبها، حذرت وزارة الخارجية البيلاروسية بولندا من القيام بـ"استفزازات" على الحدود المشتركة لتبرير أعمال حربية جديدة غير مشروعة ضد المهاجرين الذين وصفتهم بأنهم "أشخاص مستضعفون غير مسلحين بينهم العديد من النساء والأطفال".
ورفض وزير الدفاع البيلاروسي الاتهامات بتدبير موجة الهجرة، معتبرا أن "لا أساس ولا مبرر لها". وأكد وزير الداخلية البيلاروسي إيفان كوبراكوف الثلاثاء أن المهاجرين موجودون على أراضي بيلاروسيا "بصورة قانونية" ولم يرتكبوا "أي انتهاك للقانون".
وتتهم بيلاروسيا بولندا بنشر حوالي 10 آلاف عسكري على الحدود المشتركة دون إخطارها، ما يشكل برأيها "نشاطا عسكريا كثيفا" و"انتهاكا للاتفاقات الثنائية".
غضب بولندي
وكان الرئيس البولندي أندجي دودا دعا إلى عقد اجتماع أوروبي عاجل لبحث الوضع على حدود بلاده مع بيلاروسيا.
وكتب رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي في تغريدة الثلاثاء "لن نرضخ للتخويف وسندافع عن السلام في أوروبا مع شركائنا من حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي".
وحذر من أن "إغلاق الحدود البولندية من مصلحتنا الوطنية، لكن استقرار وأمن الاتحاد الأوروبي برمته هو اليوم على المحك"، مؤكدا أن "هذا الهجوم الهجين من نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو يستهدفنا جميعا".
ونشرت وزارة الدفاع البولندية في تغريدة الثلاثاء مقطع فيديو يظهر على حد قولها "مجموعة كبيرة" من العسكريين البيلاروس يقتربون من مخيمات للمهاجرين قرب قرية كوشنيتسا البولندية الحدودية.
ونشرت الشرطة المحلية على تويتر صور مهاجرين جالسين حول خيم ونيران أضرموها للتدفئة في الجانب البيلاروسي للسياج.
وقبل ذلك أعلنت وزارة الداخلية البولندية أن قوات الأمن الوطنية منعت محاولة اقتحام الحدود مع بيلاروسيا من قبل المهاجرين في أحد مقاطع الحدود بين البلدين، مضيفة أن "الوضع تحت السيطرة".
وأعلنت وارسو الاثنين وصول 3 إلى 4 آلاف مهاجر إلى حدودها مع بيلاروسيا التي تشهد منذ الصيف أزمة مهاجرين، وتصدت لمحاولة جماعية للعبور إلى أراضيها.
وردا على تدفق المهاجرين، حشدت بولندا آلاف الجنود على الحدود وأقامت سياجا وأعلنت حال الطوارئ وحظرت على الصحفيين العمل في المنطقة.
ويتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بتدبير موجة من المهاجرين واللاجئين، معظمهم من الشرق الأوسط، ودفعهم لمحاولة دخول الاتحاد الأوروبي، ردًّا على العقوبات التي فرضتها بروكسل على بلاده في أعقاب ما وصفها حملة قمع وحشية استهدفت المعارضة.
ونددت واشنطن وبروكسل، أمس الاثنين، بـ"تلاعب" بيلاروسيا بالمهاجرين لأهداف سياسية، فيما أدان حلف شمال الأطلسي ما وصفه بالتكتيك الهجين الذي تنتهجه بيلاروسيا، وطلبت ألمانيا من الاتحاد الأوروبي تشكيل "جبهة موحدة" في وجه أزمة الهجرة، ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى فرض عقوبات أوروبية جديدة على بيلاروسيا.
أما فرنسا فاتهمت الثلاثاء الرئيس البيلاروسي بالسعي إلى "زعزعة استقرار" الاتحاد الأوروبي عبر تنظيم "تهريب مهاجرين" على حدوده.
من جهته، طالب هورست زيهوفر وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال في ألمانيا الاتحادَ الأوروبي بتقديم دعم لبولندا نظرا للموقف المتوتر على حدودها مع بيلاروسيا والتي تمثل حدودا خارجية للاتحاد الأوروبي. وأعرب زيهوفر عن اعتقاده بأن ألمانيا وبولندا لا يمكنهما التغلب على هذا الموقف بمفردهما.
وتعتبر ألمانيا مقصدا رئيسيا للمهاجرين، حيث دخل البلاد حتى الآن بشكل غير شرعي هذا العام 8833 شخصا عبر بيلاروسيا، حسبما ذكرت الشرطة الألمانية.
المصدر: وكالات