اختتم رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل زيارة استمرت عدة ساعات لقطاع غزة اجتمع خلالها مع قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة وأطلعها على مباحثاته مع المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله.
والتقى كامل رئيس حماس في غزة يحيى السنوار وقيادة الحركة في القطاع في اجتماع مغلق بفندق "المشتل" غربي مدينة غزة، كما التقى في اجتماع آخر ممثلين عن حماس والفصائل الفلسطينية في المدينة.
ووصفت مصادر قريبة من حماس للجزيرة نت اللقاء بين كامل والوفد المرافق له وقيادة الحركة بأنه كان "حميميا" وعكس التطور اللافت في علاقة الطرفين، والذي ظهر بشكل جلي أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة التي انتهت باتفاق وقف إطلاق نار برعاية مصرية.
ملفات رئيسية
وتركزت مباحثات كامل مع حماس على 3 ملفات رئيسية تتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية، وتبادل الأسرى، إضافة إلى مسائل أخرى مرتبطة بحرص القاهرة على إعادة إحياء مسار المصالحة وإنهاء الانقسام.
وقالت مصادر موثوقة للجزيرة نت إن الوزير المصري وضع حماس في صورة المساعي المصرية من أجل الوصول باتفاق وقف إطلاق النار إلى تهدئة طويلة تسمح بحالة من الأمن والاستقرار والشروع في عمليات إعادة الإعمار.
وأكد كامل لقيادة حماس أن السلطة ستكون شريكا أساسيا في ملف إعادة الإعمار، وهي "البوابة" التي لا يمكن للقاهرة أو المجتمع الدولي تجاهلها للمرور إلى غزة من أجل إعادة الإعمار.
وكانت حماس تطرح فكرة تأسيس "هيئة مستقلة" ترأسها شخصية متوافق عليها وطنيا ومقبولة دوليا تتولى مهمة الإشراف على ملف إعادة الإعمار، لتجاوز ما اعترى هذا الملف من بطء وشبهات فساد عقب الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة عام 2014.
لكن السلطة الفلسطينية وإسرائيل ترفضان بشكل مطلق هذه الفكرة، كما طالب الاحتلال بضمانات ألا تستفيد حماس من أموال المساعدات وإعادة الإعمار.
وبحسب المصادر، فإن حماس أكدت للوزير المصري أنها لا تنتظر شيئا من هذه الأموال، وما تريده هو "السرعة والشفافية" في عملية إعادة الإعمار وإدارة أموال المساعدات.
وبالنسبة لمصر فإن هذه العملية يجب أن يسبقها اتفاق على تهدئة تضمن عدم تجدد المواجهة المسلحة، وهو ما بحثه الوزير المصري كذلك مع الإسرائيليين، ووفقا لهذا فإن لدى مصر رؤية لاتفاق تهدئة طويل الأمد برعاية دولية.
وكانت حماس أكدت مرارا موافقتها على التهدئة إذا ما توقفت إسرائيل عن الاستيطان في الضفة الغربية وانتهاكاتها ضد المقدسيين، ورفعت الحصار كليا عن غزة.
إحياء مسار المصالحة
وبحث كامل مع قيادة حماس مسألة العودة إلى مسار المصالحة الذي تعطل إثر قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 مايو/أيار الجاري.
وعلمت الجزيرة نت أن كامل طرح على الرئيس عباس وقيادة حماس في غزة استعداد القاهرة لاستضافة لقاءات للأمناء العامين للفصائل بغية استئناف جهود المصالحة.
وبالنسبة للقاهرة فإنه يتوجب تجاوز صفحة الخلافات الفلسطينية الداخلية من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة بحيث يكون بمقدور الفلسطينيين مخاطبة العالم بلسان واحد للتوصل إلى "حل سياسي" للصراع مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، قال خليل الحية نائب رئيس حماس في غزة في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع بالوزير المصري "ناقشنا عدة ملفات، أهمها ضرورة إلزام الاحتلال بوقف عدوانه في غزة والقدس والشيخ جراح وجميع أماكن فلسطين، ولجم المستوطنين عن أبناء شعبنا، ورفع الحصار عن غزة بالكامل".
وأضاف الحية أن المباحثات مع الوزير كامل ناقشت "ترتيب البيت الفلسطيني، والاتفاق على إستراتيجية وطنية للوقوف أمام العالم برؤية إستراتيجية لانتزاع حقوقنا".
وأوضح أن حماس ومصر أكدتا على ضرورة تطبيق القرارات الدولية التي نصت على إقامة دولة فلسطينية، وعودة اللاجئين، وغيرها من القرارات "وإذا حدث ذلك يمكن عودة الهدوء والاستقرار".
صفقة تبادل الأسرى
ووفقا للحية، فإن مصر تتفهم موقف حماس الرافض لربط ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل بملفي إعادة الإعمار والتهدئة أو أي ملفات أخرى "فهو ملف مستقل"، وأكد "نحن في ظروف أفضل، والأشقاء في مصر لديهم أوراق جديدة للضغط على الاحتلال".
وتشترط إسرائيل قبل البدء في إعادة الإعمار إفراج حماس عن جنديين إسرائيليين أسرتهما خلال حرب 2014، وترفض الإفصاح عن مصيرهما إن كانا على قيد الحياة أو جثتين، إضافة إلى اثنين آخرين يحملان الجنسية الإسرائيلية كانا قد دخلا إلى غزة في ظروف غامضة.
وفي وقت سابق، أكد مصدر قريب من حماس للجزيرة نت أن القاهرة تسعى إلى إنجاز صفقة مماثلة لتلك التي رعتها في عام 2011، وتضمنت إفراج حماس عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته الحركة في يونيو/حزيران 2006، مقابل تحرير إسرائيل أكثر من ألف أسير فلسطيني.
ويعتبر عباس كامل أرفع مسؤول مصري يزور غزة منذ تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر عام 2014، وهي الأولى منذ توليه منصبه عام 2018، وهو ما يضعه المحلل السياسي المقرب من حماس إبراهيم المدهون في سياق رفع مصر درجة اهتمامها وقدرتها على التحرك في ملفات فلسطينية رئيسية.
وكان الوزير المصري وصل إلى غزة ظهر اليوم الاثنين عبر معبر بيت حانون (إيرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية شمال قطاع غزة، في زيارة استمرت ساعات، وسبقتها زيارة مماثلة لإسرائيل أمس الأحد التقى خلالها رئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو ومسؤولين أمنيين وعسكريين، وأجرى لقاء آخر مع الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة برام الله.
المصدر: الجزيرة