قالت الشابة البريطانية كيتلين ماكنمارا، التي تتهم وزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالاعتداء عليها، إنها سوف تطالب بمراجعة قرار دائرة الادعاء الملكية بعدم الموافقة على رفع دعوى ضد الوزير الإماراتي في الواقعة.
"كنت في نظره مجرد ألعوبة"
"اعتقدت أنه كان يعتبرني شخصية مهنية بينما كنت في نظره مجرد ألعوبة"، هكذا بدأت ماكنمارا وصف وقائع الاعتداء الذي قالت إنها تعرضت له من قبل الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح في الحكومة الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة.
وكان الوزير الإماراتي قد نفى هذه المزاعم من خلال بيان نشره مكتب محاماة متخصص في قضايا التشهير في بريطانيا جاء فيه أن الوزير "مندهش وحزين" من هذه المزاعم.
وكانت ماكنمارا مقيمة لفترة ستة أشهر في إمارة أبو ظبي لتنظيم نسخة عن تظاهرة "هاي فيستيفال" الأدبية المعروفة في بريطانيا على أراضي الإمارة بتمويل من الشيخ آل نهيان.
تقول ماكنمارا، البالغة من العمر 32 عاماً، إن الاعتداء المزعوم وقع يوم 14 فبراير/ شباط من هذا العام، بعد تلقيها دعوة من الشيخ نهيان لمناقشة تفاصيل حول المهرجان قبل أيام من انطلاقه وأنها فوجئت بأنه تم اصطحابها إلى منزل الوزير الواقع على جزيرة خاصة، حيث قام بالاعتداء عليها جنسيا حسب روايتها.
اختيار "مثير للجدل"
مهرجان "هاي فستيفال" الأدبي الذي بدأ متواضعا عام 1988 في بلدة صغيرة في مقاطعة ويلز، تطور خلال ثلاثة عقود ليصبح من أهم الملتقيات الثقافية في بريطانيا وأكثر التظاهرات الأدبية والفنية جذبا للإعلام ومشاهير الكتاب والأدباء.
اختيار إقامة نسخة من مهرجان "هاي فيستيفال" في الإمارات العربية كان مثار جدل منذ البداية. أكثر من 60 منظمة غير حكومية وكتّاب معروفين منهم نعوم تشومسكي والنايجيري وول سوينكا الحائز على حائزة نوبل في الأدب نشروا رسالة مفتوحة بتاريخ 24 فبراير شباط - قبل يوم من افتتاح المهرجان- انتقدوا فيها سجل الإمارات في مجال حرية التعبير. ودعوا سلطات الإمارات إلى إقرار حرية التعبير "في جميع الأوقات وليس فقط تحمّلها أثناء انعقاد مهرجان هاي في أبو ظبي".
وقالت ماكنمارا، التي كانت تمثل إدارة المهرجان خلال وجودها في أبو ظبي، إن قرار إقامة المهرجان في الإمارات كان مثيراً للجدل حيث إن المهرجان يحتفي بحرية التعبير في "بلد له تاريخ إشكالي للغاية تجاه قضايا حرية التعبير" حسب قولها. وتقول إنه "على الرغم من وجود الكثير من الدعوات من المؤلفين لنا بعدم تنظيمه في أبو ظبي قررنا أنه من الأفضل التعاون مع الإماراتيين على إنشاء منصة للحوار والنقاش بدلا من المقاطعة".
وتوضح أنها تلقت دعوة يوم الرابع عشر من فبراير/ آذار 2020 لمقابلة الشيخ نهيان، دون المزيد من التفاصيل.
"سألت السائق من سيحضر الاجتماع مع وزير التسامح. كان ذلك أمراً معتاداً للغاية بعد ستة أشهر من العمل هناك. كنت أعلم أنه يجب أن أتحلى بالمرونة، حيث لم أكن أعرف دائماً إلى أين سأذهب لا سيما عندما أتعامل مع العائلة المالكة، فلا يتم إخبارك بكل التفاصيل ولكني كنت أحاول الحصول على أكبر قدر من المعلومات حول من سيكون هناك حتى أتمكن من البحث عنهم على هاتفي وأنا في السيارة ومعرفة من سيكون في هذا العشاء" .
وأشارت إلى أنها أبلغت مدير المهرجان بيتر لورانس في بريطانيا بوجهتها عن طريق ـ"واتس آب" كما شاركته خاصية تتبع المسار التي يتيحها التطبيق. ولاحظت أن السيارة ابتعدت عن القصر وخرجت من المدينة وعبرت نقاط تفتيش ثم جسراً يؤدي إلى فيلا على جزيرة صغيرة.
لم يكن هناك مدعوون غيرها ولم تشاهد في المنزل سوى اثنين من العاملين إضافة إلى السائق حسب روايتها.
وتقول كيتلين إنها كانت تنوي مناقشة قضية حرية التعبير في الإمارات وبالتحديد قضية الشاعر الإماراتي أحمد منصور الذي حكم عليه عام 2018 بالسجن عشر سنوات بسبب انتقاد الحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن سرعان ما تبين لها، حسب روايتها، أن الوزير لم يكن مهتماً بمناقشة المهرجان أو قضية أحمد منصور.
"مجرى مختلف"
وتضيف قائلة إنه بعد فترة وجيزة من المحادثة، أصبح "واضحاً تماماً" أنه لا يريد التحدث معها عن المهرجان. "أخبرني أنه لا يهتم لا بالمهرجان ولا بالوزارة". وعندما حاولت إعادة الحديث عن أحمد منصور، قال لها "إنه جزء من الإخوان المسلمين وسيظل في السجن".
تقول ماكنمارا إن اللقاء بدأ حينها يأخذ مجرى مختلفاً، "شعرت أنني مغفلة. فقد اعتقدت أنه كان يعتبرني شخصية مِهنية بينما كنت في نظره مجرد ألعوبة".
"ربط كندورته وكان عارياً واستلقى فوقي. بدأ يلمسني، يلمس ذراعي، ويطلب مني خلع حذائي، لكني رفضت. كنت أفكر طوال هذا الوقت كيف يمكنني الخروج من الموقف دون الإساءة إلى هذا الرجل. فأنا في فيلا على جزيرة وهاتفي بعيد ولا استطيع طلب سيارة أجرة".
وتضيف كيتلين إنها حاولت المغادرة إلا أن الوزير أخذها في جولة في المنزل إلى أن وصلا إلى قاعة بها أريكة مستديرة.
وتمضي في روايتها قائلة إنه بالرغم من محاولتها صد الوزير إلا أنه لم يتوقف. "كان يحاول أن يمد يده داخل ثوبي ولم يكن ذلك سهلاً لأنني كنت أسحب فستاني لأسفل، فستاني طويل جدا. كان مستلقياً عليّ بكل وزنه، وفي النهاية مد يده داخل جسدي وهذا في القانون البريطاني يعد اغتصاباً. تمكنت من دفعه على السرير والوقوف وسحب ثيابي مرة أخرى إلى الأسفل وهو لا يزال عارياً وكان يحك أعضاءه في ساقي ويتحسسني".
تقول كيتلين إن الوزير لم يكف إلا بعد ظهور أحد العاملين على مرأى منه.
خلال أربع وعشرين ساعة من الواقعة أدلت كاتلين بشهادتها أمام القنصل البريطاني في دبي. وتقول إن الوزير ظل يلاحقها باتصالات استمرت لأسابيع ورسائل نصية "شخصية للغاية".
ونفى الشيخ نهيان هذه المزاعم من خلال مكتب المحاماة "شيلينغز" المتخصص في قضايا التشهير في العاصمة البريطانية لندن.
وجاء في نص البيان: "موكلنا مندهش وحزين من هذه المزاعم، التي تأتي بعد ثمانية أشهر من الادعاء المزعوم. الرواية لا أساس لها".
يكفل القانون البريطاني عدم الكشف عن هوية المدعين في قضايا الاعتداء الجنسي. ولكن كاتلين ماكنمارا قررت التحدث علناً لتجعل المدعى عليه "يدرك نتيجة أفعاله" ويتشجع ضحايا الاعتداء الجنسي على التحدث علناً.
"خيبة أمل عميقة"
بعد صدور قرار دائرة الادعاء الملكية بعدم قبول رفع دعوى ضد الوزير الإماراتي في الواقعة، أعربت ماكنمارا في بيان لها عن "خيبة أمل عميقة" وقالت إنها سوف تطلب مراجعة القرار وفق الآلية القانونية المخصصة لذلك.
بموجب التشريع المعمول به حاليا، لا يمكن النظر في جرائم تم ارتكابها ضد مواطن بريطاني في الخارج، إلا من خلال مبدأ "الولاية القضائية العالمية". هذا المبدأ ينطبق على حالات محددة مثل الإرهاب والجرائم الجنسية ضد الأطفال والتعذيب من قبل السلطة ومن يمثلونها.
فريق دفاع ماكنمارا، يدفع بأن ما تعرضت له موكلتهم يمكن تصنيفه بأنه واقعة تعذيب من قبل وكيل عن السلطة وهو ما يتيح ملاحقة الشيخ قضائيا في المملكة المتحدة.
وكانت دائرة الادعاء الملكية ذكرت في بيان أن الاعتداء الجنسي الذي تصفه كاتلين يمكن أن يصل إلى حد إلحاق الألم أو المعاناة الشديدة كما يدفع محاموها. ولكنها لا تعتبر أن الواقعة تمت في إطار ممارسة الشيخ لمهامه الرسمية.
واستناداً إلى ذلك، جاء قرار دائرة الادعاء الملكية بعدم قبول رفع دعوى ضد الشيخ نهيان.
المصدر: بي بي سي