غداة إطاحة الجيش بالرئيس السوداني عمر البشير، رفض المجلس العسكري اعتبار ذلك انقلابا وحاول طمأنة المجتمع الدولي والمحتجين في شوارع الخرطوم الذين يطالبون بأن تكون الحكومة المقبلة مدنية.
وقال الفريق اول عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية للمجلس العسكري الانتقالي إن ازاحة البشير "ليست انقلابا".
وأضاف اثناء لقاء مع دبلوماسيين عرب وافارقة تم بثه عبر التلفزيون الرسمي "هذا ليس انقلابا عسكريا. هذا انحياز الي جانب الشعب، انه ليس انقلابا عسكريا".
كما أعلن التلفزيون الرسمي أن رئيس هذا المجلس، الفريق اول ركن عوض بن عوف سيخاطب الأمة "قريبًا جدًا".
كما طلب المجلس العسكري مساعدات مالية من دول المنطقة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وقال زين العابدين خلال اللقاء مع الدبلوماسيين "نريد اعانتكم في بعض الأشياء الاقتصادية. لدينا نقص في أساسيات مثل الدقيق والوقود".
بدوره، قال سفير السودان لدى الامم المتحدة ياسر عبد السلام أمام مجلس الأمن الجمعة إن المجلس العسكري "لن يحكم، بل سيكون ببساطة الضامن لحكومة مدنية سيتم تشكيلها بالتعاون مع القوى السياسية والاطراف المعنيين".
وأضاف "يمكن إلغاء تعليق الدستور في أي وقت، كما يمكن تقليص الفترة الانتقالية حسب التطورات على الارض واتفاق الاطراف المعنيين".
من جهة أخرى، أكد المجلس العسكري أنه لن يسلم الرئيس عمر البشير المطلوب بمذكرتي توقيف من المحكمة الجنائية الدولية "الى الخارج"، مشيرا الى أن البشير لا يزال محتجزا من دون أن يحدد مكانه.
وقرب مقر القيادة العامة للجيش في وسط العاصمة، لا يزال آلاف السودانيين متجمعين، يهتفون يغنون ويرقصون ويتبادلون القهوة والطعام، مصرين على مواصلة احتجاجهم.
وكان زين العابدين قال في وقت سابق اليوم إن الحكومة المقبلة ستكون "مدنية ونحن لن نتدخل فيها، سنبقى بعيدين".
وأضاف أن المجلس لن يطرح أسماء لعضوية الحكومة، مضيفا أن "وزير الدفاع سيكون من القوات المسلحة، وسنشارك في تعيين وزير الداخلية".
وأكد زين العابدين العزم على "إجراء حوار مع كل الكيانات السياسية (...) لتهيئة المناخ للتبادل".
-"الأولوية للأمن" -
وردا على سؤال حول مصير حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه البشير، قال "لن نقصي أحدا ما دام يمارس ممارسة راشدة".
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي عوض بن عوف الذي كان وزير دفاع في ظل حكم البشير، أعلن الخميس الإطاحة بالرئيس واحتجازه "في مكان آمن" وتولّي "مجلس عسكري انتقالي" السُلطة لمدّة عامين، بعد أربعة أشهر من احتجاجات غير مسبوقة ضدّ النظام.
وأكد زين العابدين من جهة أخرى أن المجلس لن يسمح بأي "عبث بالأمن"، مضيفا "الأولوية هي للأمن والاستقرار"، ومهمة المجلس "تقضي بحسم للفوضى".
وردا على سؤال عن حركة الاحتجاج، قال "سنجلس مع المحتجين ونستمع إليهم"، مضيفا "نحن جزء من مطالب الناس".
وأدى المعتصمون صلاة الظهر الجمعة في مكان الاعتصام. وكان عدد من المتظاهرين المسيحيين الأقباط يقدمون الطعام والشراب للمصلين المسلمين. ولفّ الإمام الذي أم المصلين نفسه بعلم سوداني.
وكان في الإمكان مشاهدة جنود بين الحشد.
وحضت دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الخميس، العسكريين على إشراك المدنيين في العملية الانتقالية.
ولدى الإعلان الخميس عن الإطاحة بالبشير، نزل المواطنون بالآلاف في الشوارع تعبيرا عن فرحتهم، وقام بعضهم بتقبيل جنود ورقصوا على الدبابات.
لكن الحماسة تراجعت سريعا، وانطلقت دعوات لمواصلة الاعتصام لدى الإدراك أن الحكم بات بين أيدي عسكريين هم أنفسهم كانوا من أركان نظام البشير.
دعت الولايات المتّحدة الخميس الجيش السوداني الى تشكيل حكومة "جامعة" تضمّ مدنيين.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إنّ "الولايات المتحدة تُواصل دعوة السلطات الانتقالية إلى ضبط النفس وإفساح المجال أمام مشاركة مدنيين في الحكومة".
ودعت وزيرة خارجية الاتّحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الجيش السوداني إلى نقل السلطة "سريعاً" إلى المدنيين، منوّهةً برغبة الشعب السوداني في التغيير.
وعبرت جامعة الدول العربية في بيان الجمعة "عن أملها في أن يتوافق أهل السودان على ما فيه مصلحة البلاد"، داعية الى "تحلّي الجميع بالحكمة المطلوبة في هذا الظرف الدقيق مع التمسك بالحوار السياسي لتحقيق تطلعات الشعب السوداني".
- مصير البشير -
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت عام 2009 مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في غرب السودان، ثم أضافت في 2010، تهمة "عمليات إبادة"، وأصدرت مذكرة توقيف أخرى.
ويرى الباحث المستقل حول السودان جيروم توبيانا لوكالة فرانس برس من باريس أن الإطاحة بالبشير تشكل "حماية له" بدلا من تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية. ويقول "ليس الأمر مستغربا من جانب أشخاص لم يكونوا أداته التنفيذية فحسب، بل شركاءه أيضا".
المصدر: فرانس برس