سمّى البرلمان الجزائري الثلاثاء رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا لفترة انتقالية قد تمتد لفترة تسعين يوما بعد أسبوع على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على الرغم من إعلان الشارع مسبقا رفضه له، معتبرا أنه من نتاج نظام بوتفليقة.
وأخذ البرلمان الذي اجتمع بغرفتيه، مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، في قصر الأمم بنادي الصنوبر في العاصمة "علما بتصريح المجلس الدستوري المتعلق بإعلان الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية تبعا لاستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة"، بحسب ما ذكر الإعلام الرسمي.
وتمّ خلال الجلسة "ترسيم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة لمدة أقصاها 90 يوما طبقا لأحكام المادة 102 من الدستور"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
ولم يحصل تصويت خلال الجلسة.
وقال بن صالح (77 عاما) بعد إعلانه رئيسا "فرض علي الواجب الدستوري في هذا الظرف تحمّل مسؤولية ثقيلة"، معربا عن أمله في "تحقيق الغايات والطموحات التي ينشدها الشعب الجزائري".
ونزل آلاف الطلاب الى شوارع الجزائر مطالبين برحيل "النظام"، ومرددين بالفرنسية "بن صالح ارحل"، و"ليرحل النظام".
وبعد أكثر من شهر من الاحتجاجات غير المسبوقة في كل أنحاء البلاد، اضطر بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من نيسان/أبريل تحت ضغط الشارع وضغط الجيش الذي طالب بتنحيه الفوري.
وحكم بوتفليقة (82 عاما) الجزائر لنحو 20 سنة، بينها سبع سنوات وهو مريض بعد إصابته بجلطة في الدماغ في 2013. وفجرت رغبته بالترشح لولاية خامسة الى الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان/أبريل، على الرغم من مرضه، تظاهرات حاشدة ورفضا واسعا.
وبحسب الدستور، وفي حال شغور منصب الرئاسة، يتولى رئيس مجلس الأمة "مهام رئيس الدولة لمدّة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية. ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية".
- الشارع يرفض -
ويرفض الجزائريون الذين يتظاهرون بمئات الآلاف منذ أكثر من شهر كل يوم جمعة خصوصا في كل أنحاء البلاد، أن تتولى شخصيات مرتبطة ببوتفليقة وعلى رأسها بن صالح قيادة المرحلة الانتقالية.
وقال حميد (47 عاما) داخل مقهى قرب البريد في وسط العاصمة الجزائرية صباح الثلاثاء "بن صالح يعني بوتفليقة. الناس لا يريدونه. يجب أن نجد نحن أشخاصا يحكمون البلاد".
وأضاف "إذا تم تعيين بن صالح، سنعود الى الشارع بالتأكيد".
ورفعت التظاهرات الحاشدة التي نظمت الجمعة شعار رفض "الباءات الثلاث"، في إشارة الى عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الوزراء نور الدين بدوي.
وقالت نور (17 عاما) لفرانس برس قرب مدرستها في الجزائر الثلاثاء "بوتفليقة انتهى. ولا نريد بن صالح. الشعب هو من يختار".
وإزاء رفض الشارع، اقترحت صحيفة "المجاهد" القريبة من السلطات إجمالا إزاحة بن صالح.
وكتبت الثلاثاء "هذه الشخصية (...) غير مقبولة ليس فقط من حركة المواطنين التي تطالب برحيلها فورا، إنما أيضا من المعارضة وقسم من ممثلي الأحزاب السياسية التي تشكل الغالبية في غرفتي البرلمان".
وتساءلت ما الذي سيفعله بن صالح في مواجهة الغضب الشعبي. "هل سيأخذ علما بالمعارضة القوية ويستقيل ويترك المكان لشخصية أخرى أقل إثارة للجدل لقيادة الفترة الانتقالية القصيرة؟"، أو "سيبقى في مكانه باسم احترام الدستور؟".
ولم تشارك "حركة مجتمع السلم" الإسلامية المعارضة (34 نائبا من 462) في جلسة البرلمان، معتبرة حضورها "تثبيتا تلقائيا للسيد عبد القادر بن صالح كرئيس للدولة وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المعبر عنه بوضوح في الحراك".
واعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان أصدرته الثلاثاء أن رحيل بوتفليقة "محطة أولى لوضع حد للنظام التسلطي".
وأضافت "خلال المرحلة الانتقالية، على السلطات احترام حق الجزائريين بالتعبير بحرية عن مطالبهم، وبالاجتماع".
وتابع البيان "عليها، في أقرب وقت ممكن، أن تفكر في تعديل إجراءات القانون الجنائي والقوانين المتعلقة بالجمعيات والتجمع التي تضع قيودا على هذه الحقوق".
المصدر: فرانس برس