أعلنت إثيوبيا الأربعاء أنها سترسل الصندوقين الأسودين لطائرة بوينغ 737 ماكس 8، التي تحطّمت الأحد بعد دقائق من إقلاعها من أديس أبابا، إلى أوروبا لتحليل محتوياتهما، فيما تطول لائحة الدول وشركات الطيران التي تمنع تحليق هذا الطراز الحديث لشركة بوينغ الأميركية.
والكارثة هي الثانية في أقلّ من ستة أشهر بعد سقوط طائرة بوينغ 737 ماكس 8 تابعة للخطوط الإندونيسية "لايون اير" في تشرين الأول/أكتوبر 2018، أودى بحياة 189 شخصاً.
في إثيوبيا، زار أقرباء الضحايا من الجنسيات الصينية والكينية والأميركية والكندية مكان تحطّم الطائرة التي كانت متجهة إلى نيروبي وسقطت في حقل على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة الإثيوبية.
وخلّفت الطائرة التي تحطمت إلى أجزاء عند سقوطها حفرةً كبيرة في الأرض.
وأكد المتحدث باسم الخطوط الجوية الإثيوبية أسرات بيغاشاو لوكالة فرانس برس أن الصندوقين الأسودين للطائرة واللذين عثر عليهما الاثنين، سيجري إرسالهما إلى بلد أوروبي لم يجرِ تحديده بعد.
ولا تملك إثيوبيا المعدات اللازمة لتحليل محتوى الصندوقين الأسودين.
وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية مساء الثلاثاء، وافق المدير التنفيذي للخطوط الاثيوبية تيوولدي غيبريمريم على أنه يوجد "أوجه شبه مهمة" بين كارثة الأحد وتحطّم الطائرة الإندونيسية في تشرين الأول/أكتوبر.
وأكد تيوولدي أن طياري الخطوط الإثيوبية اللذين كانا يقودان الطائرة المنكوبة، تلقيا دورات تدريب خاصة بطائرة 737 ماكس 8، بعد حادثة "لايون اير".
ولفت تحطّم الطائرة التابعة إلى "لايون اير" الأنظار إلى أجهزة قياس زاوية المواجهة المرتبطة بنظام تثبيت الطائرة (أم سي ايه إس).
وتعرض هذه الأجهزة لخلل قد يطلق الطائرة بأقصى سرعة بدل كبحها بسبب قراءة خاطئة تجعل النظام يعتقد أن الجهاز بحالة انهيار.
وكما في حالة "لايون اير"، فإن تحطم بوينغ التابعة للخطوط الإثيوبية جاء بعد دقائق من الإقلاع، والأجهزة الخاصة بالطائرة شهدت صعوداً ونزولاً بطريقة غير منتظمة.
-ملف حساس-
منعت بوينغ 737 ماكس من التحليق في الأجواء الفرنسية والبريطانية والألمانية، كما حظرت وكالة سلامة الطيران الأوروبية من الأجواء الأوروبية كل رحلات ماكس 8 وماكس 9 المتوجهة إلى الاتحاد الأوروبي أو المنطلقة منه أو بين دوله، إن كانت مشغلة من طرف أوروبي أو من طرف ثالث.
وقبل أوروبا، أطلقت آسيا الهجوم على طائرات بوينغ، لتمنعها من التحليق أو تعلق العمل بها كلّ من أستراليا وسنغافورة والصين التي تسلمت 76 من هذا الطراز.
ومنعت الهند ونيوزيلندا ومصر ولبنان أيضاً تحليق تلك الطائرات في أجوائها.
وقررت عشرات شركات الطيران من بينها الخطوط الإثيوبية وقف العمل بطائراتها من طراز 737 ماكس.
ورغم الضغط الدولي الهائل، ترفض الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات مماثلة. وطائرة 737 ماكس 8 التي وضعت في الخدمة قبل عامين، هي النسخة المحدثة من بوينغ 737 الأكثر مبيعاً، وهي أساسية في مبيعات بوينغ الرائدة في القطاع الصناعي الأميركي.
وقالت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية في بيان الثلاثاء إنه "حتى الآن، لم تظهر مراجعتنا وجود مشكلات أداء هيكلية (في الطائرة) ولم توفر أساساً لمنع العمل بها".
وباختيارها عدم منع طائراتها بوينغ 737 ماكس 8، تدير إدارة الطيران الفدرالية ظهرها إلى الانتقادات المتعلقة بهذا الملف الحساس بالنسبة للإدارة الأميركية، فهو يدخل في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين.
-ضربة غير مسبوقة-
وحتى اللحظة، لم تطلب إدارة الطيران الفدرالية سوى بضعة تعديلات متعلقة بالأنظمة الآلية الخاصة بالطائرة مثل نظام التثبيت، فيما حث العديد من النواب الأميركيين من جمهوريين وديموقراطيين هذه الإدارة إلى تطبيق مبدأ الوقاية.
وتبقى كندا متضامنة مع الولايات المتحدة بمواصلتها السماح لطائرات بوينغ 737 ماكس 8 بالتحليق، فيما قالت شركة "اير شاتل" النروجية المنخفضة الكلفة، التي علّقت العمل بطائراتها الـ18 من طراز 737 ماكس 8، إنها ستطالب الصانع الاميركي بتعويضات مالية.
ومنع التحليق الأخير الذي لحق بشركة بوينغ هو ضربة محرجة لشركة بوينغ وغير مسبوقة بتاريخ الطيران المدني.
ومع ذلك، ليس من المفترض أن يؤثر هذا المنع على حركة الطيران العالمية.
وتحلّق 370 طائرة من عائلة بوينغ حول العالم اليوم، فيما يوجد 19 ألف طائرة في الخدمة على المستوى العالمي بحسب بيانات شركة "ايرباص".
ويبدي العاملون في المجال الجوي والمسافرون الأميركيون بعض القلق مع رفض العديد منهم السفر على متن تلك الطائرة. وشجعت نقابة العاملين في المجال الجوي التي تمثّل موظفي شركة "أميركان ايرلانز"، أعضاءها على عدم الصعود على متن طائرة 737 ماكس 8 إذا لم يشعروا بأن الأمر آمن.
المصدر: فرانس برس