تفاقمت الأزمة السياسية في فنزويلا بعد اعلان الزعيم المعارض خوان غوايدو نفسه رئيسا، وبات مستقبل هذا البلد مرتبطا بشكل أساسي بموقف الجيش في الداخل، والولايات المتحدة في الخارج.
وفي بلاد تعاني انهيارا اقتصاديا فعليا، مع نسبة تضخم قد تصل الى عشرة ملايين بالمئة خلال العام الحالي، اعتبر رئيس البرلمان غوايدو ان هناك فراغا في السلطة، فأعلن تسلمه الرئاسة بالوكالة خلفا للرئيس نيكولاس مادورو.
الا أن الاخير رفض بشدة هذا القرار، وأعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة التي يتهمها بتحريك الامور في بلاده عبر المعارضة.
- مرحلة انتقالية-
الحل الذي يدعو اليه غوايدو هو تشكيل "حكومة انتقالية" تشرف على اجراء انتخابات مبكرة. ودعا ايضا قادة الجيش الداعمين لمادورو، الى الكف عن دعم "الديكتاتورية" مقابل العفو عنهم. الا ان الجيش يبقى حتى الان داعما لرئيس الدولة مادورو الذي تسلم السلطة عام 2013، ورفض الاعتراف بما اعتبره "انقلابا".
واعتبر المحلل بيتر حكيم من مركز الحوار بين الاميركيين، أنه في حال واصل الجيش دعمه لمادورو فإن "فرصة التغيير" تصبح عندها مرتبطة بقدرة المعارضة على التوحد، وموافقتها على "مرحلة انتقالية على المدى الابعد".
ويمكن ان تتقدم الامور بسرعة أكبر في حال قرر العسكريون تغيير موقفهم، الا أن ذلك سيعني العفو عن كبار العسكريين وكبار المسؤولين الفنزويليين الذين تتهم الولايات المتحدة عددا كبيرا منهم بالفساد وانتهاك حقوق الانسان والاتجار بالمخدرات.
وما يمكن أيضا ان يسرع الامور باتجاه مرحلة انتقالية، قيام الرئيس الاميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على صادرات النفط الفنزويلي (ثلث الصادرات النفطية الفنزويلية تذهب الى الولايات المتحدة أي اكثر من نصف مليون برميل نفط يوميا خلال العام 2018) ما سيوجه ضربة شديدة الى الاقتصاد وسيزعزع شبكة الحماية القائمة حاليا حول مادورو، بحسب ما يعتبر مركز "كابيتال ايكونوميكس".
- مادورو المتشبث-
وقال مايكل شيفتر من مركز الحوار بين الاميركيين، إنه رغم رهان المعارضة على تغيير في موقف الجيش، فإن هذا الامر "قليل الاحتمال"، وخصوصا ان قادة الجيش كرروا تأكيد وقوفهم وراء مادورو.
من جهته قال بيتر حكيم في الاطار نفسه "في حال لم تتوحد المعارضة، وواصل العسكريون دعم مادورو، فهذا يعني بقاء الحكومة التشافية وبقاء مادورو رئيسا".
وكان أعيد انتخاب الاشتراكي مادورو حتى العام 2025 في انتخابات قاطعتها المعارضة، وشكك الاتحاد الاوروبي بنتائجها مع العديد من دول اميركا اللاتينية.
وقال المحلل بول هير من جامعة بوسطن، ان مادورو قد يسعى للحصول على دعم مادي من دول حليفة مثل الصين وروسيا وايران "الموحدة بمواجهة الولايات المتحدة اكثر مما هي موحدة في تعاطفها مع مادورو".
وتسلم كراكاس الصين نحو 300 الف برميل من النفط يوميا لسداد دين بقيمة 20 مليار دولار. كما تفيد مصادر عدة ان فنزويلا مدينة لروسيا ب10،5 مليارات دولار.
واضاف بول هير "قد تحاول الصين وروسيا انقاذ النظام عبر دفعه لاجراء اصلاحات اقتصادية جدية واعادة هيكلة القطاع النفطي". لكن الاحتمال الاخر القائم أيضا هو مطالبة الدول الدائنة ب"رحيل مادورو واستبداله بزعيم مقبول سياسيا في شكل اكبر".
- الجيش في القيادة-
وقال بيتر حكيم أيضا انه في حال سحب الجيش دعمه لمادورو وبقيت المعارضة منقسمة، فان العسكريين يمكن ان يتسلموا زمام الامور "على الاقل لفترة موقتة".
من جهته اعتبر مايكل شيفتر انه من غير المستبعد دخول البلاد في "مرحلة قمع او حرب اهلية"، وهذا يعني "اسوأ السيناريوهات" من دون استبعاد "مخاطر قيام حكومتين متعاديتين".
والمعروف ان ترامب اعتبر أن "كل الخيارات مطروحة" في اشارة الى احتمال حصول تدخل عسكري.
-التفاوض-
أعرب مادورو عن استعداده للالتقاء بخوان غوايدو، الا ان الاخير رفض الدخول في "حوار شكلي".
ويدعو قسم من المجتمع الدولي الى حل من هذا النوع. فالاتحاد الاوروبي الذي يعتبر ولاية مادورو الرئاسية هذه غير شرعية، لا يعترف بالمقابل بغوايدو رئيسا، ويدعو الى تشكيل "مجموعة اتصال" بين الفريقين.
كما تدعو المكسيك والاوروغواي ايضا الى الحوار.
اما المحلل مايكل شيفتر فاعتبر ان "السيناريو الافضل والاكثر واقعية هو قيام تفاوض طويل الامد بين معارضة موحدة وحكومة في موقع دفاعي"، ما يمكن ان يوصل الى الدعوة الى انتخابات جديدة.