نازحون يعودون إلى منازلهم بعد اتفاق وقف القتال في جنوب سوريا

بدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في محافظة درعا إثر التوصل الى اتفاق برعاية روسية يوقف القتال ويتيح لدمشق استعادة كافة المحافظة الجنوبية، مهد الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام في العام 2011 قبل تحولها نزاعاً دامياً.
 
وإثر ضغط عسكري كبير ثم مفاوضات قادتها روسيا، توصلت قوات النظام والفصائل المعارضة في محافظة درعا الجمعة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يتضمن إجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية إلى شمال غرب البلاد.
 
وحققت قوات النظام السوري بذلك انتصاراً جديداً على الفصائل المعارضة التي منيت بهزائم متتالية في البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية.
 
ودفعت العملية العسكرية لقوات النظام بدعم روسي في درعا منذ 19 حزيران/يونيو بأكثر من 320 ألف مدني للنزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة، وتوجه عدد كبير منهم إلى الحدود مع الأردن.
 
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت "بدأ آلاف النازحين بالعودة منذ عصر الجمعة من المنطقة الحدودية مع الأردن إلى قرى وبلدات في ريف درعا الجنوبي الشرقي"، مستفيدين من الهدوء الذي فرضه وقف اطلاق النار.
 
وعاد، وفق عبد الرحمن، منذ عصر الجمعة "أكثر من 20 ألف نازح إلى 13 قرية وبلدة"، مشيراً إلى ان حركة العودة مستمرة باتجاه المناطق التي يشملها الاتفاق.
 
وبالإضافة إلى عملية إجلاء غير الراغبين بالتسوية التي لم يحدد موعدها حتى الآن، يتضمن الاتفاق وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عودة النازحين الى بلداتهم ومؤسسات الدولة الى ممارسة عملها.
 
- العودة ولا التشرد -
 
ويخشى نازحون في المقابل، وفق عبد الرحمن، "العودة إلى مناطق دخلتها قوات النظام خوفاً من الاعتقالات".
 
وأعرب النازح أسامة الحمصي (26 عاماً) لفرانس برس عن تأييده للاتفاق ولكن أيضاً خشيته من الاعتقالات.
 
وقال "أؤيد الاتفاق لوقف القتال والدم، يكفينا قتلا وتهجيرا، اطفالنا ونساؤنا تشردوا عند الحدود (...) لكن الروس والنظام السوري ليس لهم أمان".
 
وأضاف "حين نتأكد من صحة وقف اطلاق النار، وإذا ضمنا أن أحداً لن يلاحقنا وحصلنا على ضمان حتى لو بسيط، نريد ان نعود الى بيوتنا بدلاً من ان نبقى مشردين في المزارع".
 
وخلال العامين الأخيرين، شهدت مناطق سورية عدة اتفاقات مماثلة تسميها دمشق "مصالحات"، آخرها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وتم بموجبها اجلاء عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين الى شمال البلاد.
 
ويتضمن اتفاق درعا، وفق سانا، "استلام الدولة السورية كل نقاط المراقبة على طول الحدود السورية الأردنية".
 
وتزامناً مع جلسة التفاوض الأخيرة الجمعة، استكملت قوات النظام سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع الأردن ووصلت الى معبر نصيب الحدودي الذي سيطرت الفصائل عليه في نيسان/أبريل 2015.
 
ومن المفترض أن يتم تنفيذ الاتفاق في درعا على ثلاث مراحل بدءاً من ريف المحافظة الشرقي إلى مدينة درعا وصولاً إلى ريفها الغربي، وفق ما قال حسين أبازيد مدير المكتب الاعلامي في "غرفة العمليات المركزية في الجنوب" التابعة للفصائل لفرانس برس.
 
وأوضح المسؤول أن "العمل بدأ في المرحلة الأولى مع دخول الجيش السوري الى معبر نصيب وبدء تسليم (الفصائل) الدبابات الى القوات الروسية"، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية ستتضمن إجلاء رافضي الاتفاق من دون أن يحدد موعد تنفيذها.
 
وشاهدت مراسلة فرانس برس عند معبر نصيب العلم السوري مرفوعاً، فضلاً عن انتشار لجنود سوريين.
 
وأفاد عبد الرحمن أن "قوات النظام أرسلت السبت المزيد من التعزيزات العسكرية إلى نصيب"، الذي كان يعد ممراً تجارياً حيوياً بين سوريا والأردن قبل اندلاع النزاع.
 
- الوجهة المقبلة: القنيطرة -
 
وقال الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس لفرانس برس "حصل الأسد على ما يريده من الاتفاق وهو السيطرة على المنطقة الحدودية بين سوريا والأردن في درعا، ونزع السلاح الثقيل تدريجياً من الفصائل، وإعادة نفوذ حكومته في الجنوب السوري".
 
وتكتسب درعا خصوصيتها من ناحية موقعها الجغرافي على الحدود مع كل من الأردن ومرتفعات الجولان السورية التي تحتلها اسرائيل. كما لها أهمية رمزية للفصائل المعارضة إذ إنها مهد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد النظام في آذار/مارس 2011، قبل تحولها نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 350 الف شخص.
 
ومنذ بدء التدخل الروسي في سوريا في العام 2015، حققت قوات النظام السوري انتصارات متلاحقة على حساب الفصائل المعارضة.
 
وبعد سيطرتها العام الحالي على الغوطة الشرقية وكامل العاصمة، حددت دمشق منطقة الجنوب وجهة لعملياتها العسكرية. واعتمدت في محافظة درعا الاستراتيجية ذاتها، عبر القصف العنيف ثم التقدم ميدانياً وفصل مناطق الفصائل الى أقسام ثم إجبار مقاتلي المعارضة على التفاوض والرضوخ للتسويات.
 
وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لفرانس برس إنها "هزيمة جديدة كبيرة" للفصائل المعارضة في سوريا.
 
أما عن وجهة قوات النظام المقبلة، أوضح هيلر "يبدو أن الحكومة السورية ستتجه لاحقاً إلى القنيطرة (...) وهو أمر معقد كون عليها أن تجد طريقة للتقدم من دون إثارة الإسرائيليين والتسبب بتحرك اسرائيلي عسكري مدمر".
 
واكدت اسرائيل مرارا ان اكثر ما يثير خشيتها هو تواجد مقاتلين إيرانيين او من حزب الله اللبناني قرب حدودها.
 
كما من المتوقع أن يخوض الجيش السوري عملية عسكرية ضد الجيب الصغير الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في جنوب غرب درعا. وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قال الأسبوع الماضي إن مصير هذا الجيب "واضح و محسوم".
 
المصدر: فرانس 24

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر