جنّدت كوريا الشمالية فتيات جميلات مختارات بعناية للانضواء في "جيش الحسناوات" اللواتي سينتقل وفد منهن لتشجيع الرياضيين المشاركين في الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية، ما يقدم صورة متمايزة عن التهديدات المتصلة بالطموحات النووية لبيونغ يانغ.
واستُقطبت هؤلاء الشابات الكوريات الشماليات، وهن في غالبيتهن بنهاية سنوات المراهقة أو مطلع العشرينات من العمر، الأضواء بشكل كبير في كل مرة أوفدن فيها إلى الجنوب.
وكانت ري سول-جو، زوجة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ضمن المجموعة التي حضرت عام 2005 البطولة الآسيوية لألعاب القوى في أنشيون.
وستظهر المشجعات في رابع إطلالة لهن في كوريا الجنوبية بعدما وافقت بيونغ يانغ قبل أيام على إرسال بعثة للمشاركة في الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ على بعد 80 كيلومتراً إلى الجنوب من المنطقة المنزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة الكورية.
وقد انفصلت الكوريتان بالكامل منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953 من دون أي خطوط هاتفية مباشرة أو روابط بريدية بين البلدين.
وتختار بيونغ يانغ بعناية بعثاتها إلى جارتها الجنوبية، كما تراقب بدقة كل تحركات أعضائها. وتشير تقارير صحفية إلى إمكان إيواء الوفد المشارك في الألعاب الأولمبية على سفينة راسية في سوكشو ما يسهل مهمة المراقبة.
ويقول آن تشان-ايل، وهو باحث منشق يدير المعهد العالمي للدراسات بشأن كوريا الشمالية، إن المشجعات يخترن وفق معايير صارمة للغاية.
ويوضح لوكالة فرانس برس: "يجب أن يكون طول قامتهن فوق 163 سنتيمتراً، وأن يتحدرن من عائلات مرموقة"، مضيفاً "الفتيات اللواتي يعزفن على آلات موسيقية هن أعضاء في فرق، فيما الأخريات يكن عموماً من الطالبات في جامعة كيم ايل-سونغ للنخبة".
أولمبياد للسلام
ويغذي الفصل التام بين الكوريتين فضولاً لدى مواطني الجنوب للتعرف إلى جيرانهم الشماليين.
وقد ظهرت المشجعات للمرة الأولى في دورة الألعاب الآسيوية عام 2002 في بوسان، واحتلت هذه المشاركة العناوين الرئيسية عندما وصل ما يقرب من 300 منهن على متن سفينة مرتديات أزياء كورية تقليدية وكن يلوّحن بما يعرف براية الوحدة التي تظهر عليها خريطة لشبه الجزيرة الكورية بأكملها.
واصطف المئات من سكان بوسان عند المرفأ لتوجيه التحية لهؤلاء، كما رفعت راية الوحدة على منازل كثيرة.
وفي 2005، ظهرت المشجعة الكورية الشمالية السابقة تشو ميونغ - إيه التي حققت بفضل جمالها شعبية في كوريا الجنوبية، في إعلان تلفزيوني لهاتف من إنتاج شركة "سامسونغ" مع نجم البوب الكوري الجنوبي لي هيو-ري.
ويشكّل حضور المشجعات الكوريات الشماليات نبأً ساراً لمنظمي الألعاب الأولمبية الشتوية، إذ إنهن لطالما كن عنصر جذب للحضور ما يحفز مبيعات البطاقات.
وقال سونغ بايك-يو، المتحدث باسم اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ: "سيساعد ذلك في مبيعات التذاكر".
وأضاف: "سيحقق ذلك رغبتنا في دورة أولمبية للسلام".
وعندما لعبت فرق كورية شمالية في الجنوب من دون مؤازرة مشجعين، أقبل الكوريون الجنوبيون المؤيدون للوحدة على حضور المباريات لتشجيعهم، كما حصل في مباراة الهوكي على الجليد العام الماضي في غانغنيونغ.
إشكاليات دبلوماسية
غير أن حضور الكوريين الشماليين من شأنه أيضاً أن يُحدث بعض الإشكالات الدبلوماسية.
وثمة مخاوف من أن يكون الكوريون الجنوبيون أقل ترحيباً بجيرانهم الشماليين، ما كانوا في الماضي؛ نظراً لمعارضتهم للبرنامج النووي لكوريا الشمالية والمنحى الحربي المتزايد لديها.
ويحظر القانون الكوري الجنوبي رفع علم كوريا الشمالية وأداء نشيدها الوطني بموجب قوانين الأمن القومي في سيول، ما يفسّر استخدام راية الوحدة بين الكوريتين في المباريات السابقة بين البلدين.
وعندما رفع علم كوري شمالي على شرفة خلال مباراة لكرة القدم بين الشمال والجنوب خلال دورة الألعاب الآسيوية عام 2014 في إنشيون، عمد المسؤولون إلى إزالته سريعاً.
ولن يتم إنفاذ هذا القانون في المنشآت الأولمبية، حيث يُطبق بروتوكول اللجنة الأولمبية الدولية، لكن يمكن أن يطرح ذلك إشكاليات في أماكن أخرى.
وقد سار الفريقان خلف راية الوحدة عندما دخلا المدرجات معاً في افتتاح دورتي الألعاب الأوليمبية لعامي 2000 و2004 في سيدني وأثينا، ودورة الألعاب الشتوية لعام 2006 في تورينو.
لكن إذا تكرر هذا المشهد في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة في 9 شباط/فبراير، فإن الأمر سيعني أن شعار الجنوب لن يظهر على أرض الملعب في الدورة المقامة على بالبلاد.
وتساءلت صحيفة "تشوسون ايلبو" في افتتاحيتها الأربعاء الماضي: كيف يمكن لكوريا الجنوبية أن تقبل بهذا الواقع، بعدما نالت حق استضافة هذه الألعاب "عقب جهود مضنية"؟.
المصدر: هاف بوست/ فرانس برس