ذكرت تقارير لوكالات أنباء، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، أن محتجين إيرانيين هاجموا مراكز للشرطة حتى وقت متأخر من ليل الإثنين 1 يناير/كانون الثاني 2018، في الوقت الذي تكافح فيه قوات الأمن لاحتواء أكبر تحد للقيادة الدينية في البلاد منذ العام 2009.
وأظهرت تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي اشتباكاً عنيفاً في بلدة قهدريجان بين قوات الأمن ومحتجين كانوا يحاولون السيطرة على مركز للشرطة اشتعلت النيران بجزء منه. وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن وقوع عدة إصابات في صفوف المحتجين.
وذكرت وكالة مهر للأنباء، أن محتجين في مدينة كرمانشاه في غربي البلاد أضرموا النار في موقع لشرطة المرور، لكن أحداً لم يصب في الحادث.
واستمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة لليوم الخامس، بعد مقتل 13 شخصاً أمس الأحد، في أكبر موجة اضطرابات منذ عام 2009، حين خرجت حشود ضخمة إلى الشوارع للتنديد بانتخاب الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد.
ويمثل استمرار الاحتجاجات تحدياً للزعماء الدينيين الموجودين في السلطة منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وأيضاً للرئيس حسن روحاني الذي ظهر على التلفزيون أمس، ودعا إلى الهدوء، وقال إن للإيرانيين الحق في انتقاد السلطات، لكن لا ينبغي لهم إحداث اضطرابات.
ونقل التلفزيون الإيراني عن المتحدث باسم الشرطة سعيد منتظر المهدي قوله "استغل أحد مثيري الشغب الوضع في مدينة نجف آباد، وأطلق أعيرة نارية على قوات الشرطة ببندقية صيد. ونتيجة لذلك أصيب 3 واستشهد واحد".
وفي وقت سابق قال التلفزيون الرسمي إن متظاهرين مسلحين حاولوا الاستيلاء على مراكز للشرطة وقواعد عسكرية، لكن قوات الأمن وقفت لهم بالمرصاد. ولم يذكر مزيداً من التفاصيل، ولا يوجد تأكيد مستقل للواقعة.
وقال التلفزيون الرسمي إن 10 أشخاص لقوا حتفهم في احتجاجات أمس، لكن العدد ارتفع اليوم عندما قال نائب حاكم إقليم همدان بغربي البلاد لوكالة أنباء الطلبة، إن 3 محتجين آخرين لقوا حتفهم أمس في مدينة تويسركان.
"لا تساهل"
وذكر مسؤولون وشبكات التواصل الاجتماعي أن السلطات ألقت القبض على مئات الأشخاص. واستخدمت الشرطة في طهران مدفعاً للمياه، أمس الأحد، لتفريق متظاهرين وفقاً لصور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانفجر الإحباط بسبب المصاعب الاقتصادية ومزاعم فساد في مشهد، ثاني أكبر مدن البلاد، يوم الخميس، وتحول إلى دعوات بتنحي المؤسسة الدينية المهيمنة على السلطة منذ الثورة عام 1979.
وجرى توجيه بعض الغضب إلى آية الله علي خامنئي، وذلك في انتهاك هالة قدسية تحيط بالرجل الذي يشغل منصب الزعيم الأعلى منذ عام 1989.
وعرض مقطع مصور على شبكات التواصل الاجتماعي حشداً من الناس بالشوارع يهتفون، وبعضهم يقول "الموت للدكتاتور".
ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة المقطع. وأشارت وكالة أنباء فارس إلى "مجموعات متفرقة" من المحتجين في العاصمة طهران، وقالت إن السلطات ألقت القبض على زعيم خلية.
وقال روحاني "الحكومة لن تتهاون مع من يقومون بإتلاف الممتلكات العامة ويخرقون النظام العام ويثيرون القلاقل في المجتمع".
وحثت بيانات لا تحمل توقيعاً، ونُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانيين على التظاهر مجدداً في العاصمة طهران و50 مركزاً حضرياً آخر.
وقالت الحكومة إنها ستقيد مؤقتاً الوصول إلى تطبيق تليغرام للتراسل النصي، وخدمة إنستغرام. وذكرت تقارير أن الوصول إلى خدمة الإنترنت عبر الهواتف المحمولة تم تعطيله في بعض المواقع.
ترامب ونتنياهو يؤيدان المحتجين
إيران منتج كبير للنفط في أوبك، وقوة إقليمية، لكن مشاعر الإحباط تزايدت فيها مع تدخل البلاد بقوة في سوريا والعراق، في إطار منافسة السعودية على النفوذ في المنطقة.
ويؤجج هذا التدخل الخارجي الغضب في الجمهورية الإسلامية، إذ يريد كثير من الإيرانيين أن يوفر قادتهم الوظائف بدلاً من خوض حروب مكلفة بالوكالة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب في إيران 28.8% العام الماضي.
ونقلت وكالة العمال الإيرانية للأنباء، عن عضو بالبرلمان قوله، إن شخصين قتلا بالرصاص في بلدة إيذه، في جنوب غربي البلاد أمس، فيما أصيب عدد آخر.
ونقلت الوكالة عن النائب هداية الله خادمي قوله "لا أعرف ما إذا كان إطلاق النار أمس نفذه مشاركون في المسيرة، وهذه القضية قيد التحقيق".
وأبلغ مصطفى سمالي حاكم إقليم خوزستان وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء، أن شخصاً قتل في حادث لا علاقة له بالاحتجاجات، وأنه تم القبض على المشتبه به في إطلاق النار.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر، الإثنين "الشعب الإيراني العظيم يعاني القمع منذ سنوات عديدة. إنه بحاجة ماسة إلى الغذاء والحرية. ثروة إيران تسلب شأنها شأن حقوق الإنسان. حان وقت التغيير".
وأثنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على "الإيرانيين الشجعان" الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج على نظام "يبدد عشرات المليارات من الدولارات على نشر الكراهية".
وقال في فيديو بث على صفحته بموقع فيسبوك "أتمنى نجاح الشعب الإيراني في مسعاه النبيل إلى الحرية".
كما حثّ وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل "كل الأطراف على الامتناع عن التصرفات التي تنطوي على عنف".