تعقد في جنيف الثلاثاء جولة مفاوضات ثامنة في سعي لإيجاد حل للنزاع السوري برعاية الأمم المتحدة، وسط آمال بالتوصل لتسوية سياسية بعد أن اتفقت المعارضة للمرة الأولى على إرسال وفد موحد يضم تيارات متباينة برئاسة نصر الحريري.
تستأنف الثلاثاء في جنيف المفاوضات حول النزاع السوري، وتأمل الأمم المتحدة بأن يشكل وجود وفد موحد للمعارضة السورية للمرة الأولى، فرصة لإنجاح هذه المفاوضات التي سبق أن أخفقت في التوصل إلى تسوية.
لم تحقق المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة لحل الأزمة التي تسببت بمقتل أكثر من 340 ألف شخص منذ العام 2011 الكثير خلال سبع جولات سابقة، فطغت عليها إثر ذلك تحركات دبلوماسية منفصلة تقودها روسيا وتركيا وإيران.
وأشار موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي يصف نفسه بأنه "متفائل دائما"، إلى وجود تقدم تدريجي حتى حينما يتحدث آخرون عن طريق مسدود. وأعرب عن أمله بأن تشكل الجولة الثامنة التي تبدأ الثلاثاء أول "مفاوضات حقيقية".
وسيتعين على طرفي النزاع تجاوز العقبة التي أدت إلى خروج محادثات سابقة عن مسارها، وهي مصير الرئيس بشار الأسد.
وقال دي ميستورا، وهو دبلوماسي حذر بطبعه، للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطراف واسعة من المعارضة السورية إن مطلبها برحيل الأسد قد لا يكون أمرا ممكنا.
وأشار في أيلول/سبتمبر إلى أن على الهيئة العليا للمفاوضات أن تكون "واقعية" وتدرك بأنها "لم تربح الحرب"، في تصريحات أثارت حفيظة المعارضة.
لكن الحقائق على الأرض تدعم موقف الموفد الأممي، إذ استعادت حكومة الأسد المدعومة عسكريا من روسيا أكثر من نصف البلاد فيما تقع باقي المناطق تحت سيطرة إما فصائل المعارضة أو الجهاديين أو قوات كردية.
معارضة موحدة
وخلال لقاء عقد في العاصمة السعودية هذا الأسبوع، اتفقت تيارات متباينة من المعارضة السورية على إرسال وفد موحد إلى جنيف.
وانضمت مجموعات من المعارضة، تتخذ من موسكو والقاهرة مقرات لها ولديها نهج أقل تشددا حيال مستقبل الأسد إلى الهيئة العليا للمفاوضات.
واستبقت شخصيات معارضة بارزة انطلاق مؤتمر الرياض بإعلان استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات، في مقدمها منسقها العام رياض حجاب الذي استقال "أمام محاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد نظام بشار الأسد".
واختارت الهيئة الجمعة نصر الحريري لترؤس وفدها المكون من 36 عضوا إلى جنيف.
وأصر الحريري الذي كان المفاوض الرئيسي عن الهيئة خلال جولات سابقة على ضرورة تنحية الأسد، في حين لم تظهر أي إشارات فورية إلى أن تكتل المعارضة الجديد سيتراجع عن موقفه حيال الرئيس.
"حافز" لجنيف
وطغت على الجهود الأممية خلال الأشهر الأخيرة مبادرات منفصلة تولتها روسيا في الغالب.
ورعت روسيا وإيران حليفتا دمشق، وتركيا التي تدعم فصائل معارضة سورية، مفاوضات جرت في أستانا وأثمرت إقامة أربع مناطق "خفض توتر" ساعدت في تراجع العنف ميدانيا رغم استمرار القصف الجوي والمعارك في بعض المناطق.
وهذا الأسبوع، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى عقد "مؤتمر وطني سوري" يضم ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، وهو اقتراح دعمته أنقرة وطهران.
وتؤكد الأمم المتحدة من جهتها، أن محادثات استانا تتكامل مع مفاوضات جنيف.
واعتبر بوتين أن المؤتمر الذي اقترحه سيشكل "حافزا" لجنيف.
وبالنسبة لرئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي فيودور لوكيانوف، ستكون جهود موسكو الدبلوماسية بشأن سوريا بلا معنى "ما لم يتم إقرارها من قبل المنظمات الدولية، بدءا من الأمم المتحدة".
وأصر على أن "لا شيء سينجح"، إلا إذا حصل على الموافقة في جنيف.
أين واشنطن؟
وأشار خبراء كذلك، إلى أن تأثير دي ميستورا تراجع عقب انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث باتت الولايات المتحدة أقل نشاطا في الجبهة الدبلوماسية السورية.
وكان جون كيري، وزير خارجية الرئيس السابق باراك أوباما، أجرى زيارات متكررة إلى المدينة السويسرية لدعم المفاوضات الأممية.
أما وزير الخارجية الحالي ريكس تيلرسون، فأجرى زيارته الأولى إلى جنيف الشهر الماضي حيث أعلن عقب لقائه دي ميستورا أن "حكم عائلة الأسد اقترب من نهايته".
ورغم أن التصريح يشي بتشدد في لهجة واشنطن حيال النظام السوري، إلا أنه من غير الواضح إلى أي درجة ستسعى الولايات المتحدة للتأثير على شكل المفاوضات المقبلة.