استنكرت منظمة العفو الدولية التدابير "التعسفية" التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والبحرين في أعقاب إعلان قطع العلاقات مع قطر الإثنين الماضي، ودعت إلى وقفها "فورا".
واعتبرت تلك الإجراءات "تتلاعب بحياة الآلاف (..) وتتسبب في تقسيم الأسر وتدمير سبل معيشة شعوب وتعليمها".
كما أدانت العفو "بشدة" تهديد الدول الثلاث بعقوبة قاسية للمنتقدين لهذه التدابير، معتبرة أن هذا يمثل "انتهاكا صارخا لحرية التعبير".
وشددت منظمة العفو الدولية في بيانها بقوة "على وجوب احترام هذه الدول لحقوق الإنسان ووقف هذه التدابير التعسفية فورا".
وقالت منظمة العفو في تقرير أصدرته الجمعة إن باحثيها أجروا مقابلات مع عشرات الأشخاص الذين تأثرت حقوقهم الإنسانية بسلسلة من الإجراءات التي فرضتها دول الخليج الثلاث على نحو "تعسفي" في نزاعها مع قطر.
وفي أعقاب إعلان السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر 5 يونيو / حزيران الجاري، طالبت مواطنيها الموجودين في قطر بالعودة إليها، كما أمهلت القطريين الموجودين على أراضيها 14 يوما للمغادرة.
ووفقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، يعيش أكثر من 11 ألف مواطن من البحرين والسعودية والإمارات في قطر. ويعيش العديد من القطريين أيضا في الدول الثلاث وقد تتأثر جميعها بهذه التدابير.
وأعربت "العفو" عن "قلقها البالغ إزاء تأثير بعض هذه الخطوات على الحق في الحياة الأسرية والتعليم".
ونقل التقرير عن جيمس لينش، نائب مدير برنامج القضايا العالمية لمنظمة العفو الدولية الذي كان في الدوحة الأسبوع الماضي قوله "هذه التدابير الجذرية لها بالفعل تأثير وحشي".
وبين أنه نتج عن ذلك "فصل الأطفال عن الآباء والأمهات والأزواج عن الزوجات ليس فقط من قطر، ولكن أيضا من الدول التي تنفذ هذه التدابير".
وتابع: "إن هؤلاء الضحايا قد يفقدون الوظائف ويتعطل تعليمهم".
وطالب جميع الدول الأطراف في الأزمة أن تضمن ألا تؤدي أعمالها إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت المنظمة إنها وثقت عدة حالات من أولئك الأشخاص الذين انقطعوا عن أولياء أمورهم أو أطفالهم أو أزواجهم.
ومن بين الحالات التي ذكرتها المنظمة الدولة في تقريها، رفض الإمارات دخول أحد القطريين، الذي عاش في دبي مع عائلته لأكثر من 10 سنوات وإعادته إلى قطر.
وبينت أن زوجته مواطنة إماراتية، ومن ثم فهي محرومة من السفر إلى قطر، في حين أن أطفاله من المواطنين القطريين، ومن ثم يطلب منهم مغادرة الإمارات، وهو الآن منفصل عن عائلته ولا يعرف متى سيراها لاحقا.
وذكرت المنظمة في بيانها حالة أخرى لرجل سعودي يعيش في الدوحة مع زوجته القطرية، قال لها إنه غير قادر على زيارة والدته التي تعاني مرضا خطيرا في المستشفى في السعودية لأنه إذا غادر البلاد لن يتمكن من العودة إلى قطر وسيحرم من رؤية زوجته وأطفاله.
كما قالت "العفو" إنها أجرت مقابلات مع عدد من الطلاب القطريين المعنيين لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم في الإمارات والبحرين.
ونقلت عن إحدى الطالبات أن جميع دروسها في الإمارات لباقي السنة قد ألغيت فورا.
واستنكرت المنظمة هذا السلوك، قائلة "إن سلطة الدولة في تنظيم الهجرة وتقييدها مقيدة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان".
واعتبرت أنه "لا يمكن تبرير التمييز في المعاملة بين فئات مختلفة من غير المواطنين إلا إذا كانت ضرورية لتحقيق هدف مشروع".
وبينت "أن التقسيم التعسفي للأسر كجزء من سياسات الهجرة ينتهك الحق في الحياة الأسرية".
على صعيد ذي صلة، اعتبرت المنظمة أن "حرية التعبير في الخليج تواجه ضربة جديدة"، مشيرة إلى تعرض الناس في البحرين والسعودية والإمارات للتهديد بعقوبة قاسية إذا كانوا يجرؤون على انتقاد هذه التدابير.
وقالت المنظمة إن مواطني السعودية أو الإمارات أو البحرين قد يواجهون عقوبات قاسية إذا قدموا تعليقات لدعم قطر أو أبدوا تعاطفا معها.
وبينت أن الأشخاص الذين يعبرون عن "تعاطفهم" مع قطر في الإمارات قد يواجهون السجن لمدة 15 عاما؛ في حين ذكرت وسائل الإعلام السعودية التي تسيطر عليها الدولة أن هذا التعبير يمكن اعتباره جريمة من جرائم الإنترنت.
كما هددت وزارة الداخلية البحرينية أي شخص يظهر "التعاطف أو المحاباة" للسلطات القطرية، بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة بموجب قانون العقوبات.
وأدانت منظمة العفو الدولية هذه الأحكام "بشدة"، معتبرة أنها تمثل "انتهاكا صارخا لحرية التعبير".
وشددت منظمة العفو الدولية في بيانها بقوة "على وجوب احترام هذه الدول لحقوق الإنسان ووقف هذه التدابير التعسفية فورا".
وقالت "يجب التعامل مع النزاعات السياسية بين الدول بطريقة تحترم حقوق الإنسان. ولا يمكن أن يكون هناك مبرر لتمزيق الأسر، وقمع التعبير السلمي، وترك العمال المهاجرين مهجورين ومعرضين للخطر".
ومنذ الإثنين الماضي، أعلنت 8 دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر والمالديف، واتهمتها بـ "دعم الإرهاب"، في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، فيما لم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.
فيما نفت قطر الاتهامات بـ "دعم الإرهاب" التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.