قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنها ستقود حكومة أقلية بدعم من حزب صغير في أيرلندا الشمالية بعد أن خسرت رهانها في الانتخابات العامة قبل بدء محادثات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكانت ماي قد دعت إلى انتخابات مبكرة لتعزيز موقفها في محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وهي واثقة من تعزيز أغلبية حزب المحافظين الذي تقوده. لكن بدلا من ذلك تقلصت سلطتها.
وقالت ماي في بيان بعد الصعود المفاجئ لحزب العمال المعارض تحت قيادة زعيمه اليساري جيريمي كوربين "آسفة لجميع المرشحين والعاملين في الحزب الذين عملوا بجد ولم يحققوا نجاحا".
وتابعت قولها "بينما أتأمل النتائج سأتأمل فيما نحتاج لعمله في المستقبل لدفع الحزب للأمام".
وتواجه ماي الآن خطر زيادة المعارضة لخططها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي من داخل وخارج حزبها. وقد يسعى بعض زملائها لاستبدالها رغم أن مصدرا في الحزب قال إن المنصب يبدو في الوقت الراهن أشبه بالكأس المسموم.
وقال المصدر لرويترز "ستبقى في الوقت الراهن".
وتوجهت ماي إلى قصر بكنجهام ظهر الجمعة لطلب تفويض من الملكة إليزابيث بتشكيل حكومة جديدة وهو تقليد متبع في النظام البريطاني.
وذكر مكتبها في وقت لاحق أن وزراء المالية والخارجية والدفاع وشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي سيبقون في مناصبهم.
والمقاعد العشرة التي حصل عليها الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية الذي ينتمي لتيار يمين الوسط والمؤيد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي كافية لتمنح حزب المحافظين اليميني أغلبية هشة قالت ماي إنها ستتيح لها التفاوض على الخروج بنجاح من التكتل.
وقالت ماي خارج مكتبها "الحزبان يتمتعان بعلاقات قوية منذ سنوات طويلة وهذا يمنحني الثقة في الاعتقاد بأننا سنتمكن من العمل معا لصالح المملكة المتحدة بأكملها".
وذكر الحزب الديمقراطي الوحدوي أنه سيدخل في محادثات ولم تتضح مطالبه بعد. ولأن أي صفقة من غير المتوقع أن تتضمن تشكيل ائتلاف رسمي فقد لا تؤجل المحادثات تشكيل حكومة.
وعبر زعماء الاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم من أن تؤدي خسارة ماي الصادمة لأغلبيتها البرلمانية إلى تأجيل محادثات انسحاب بريطانيا من التكتل والمقرر أن تبدأ يوم 19 يونيو حزيران ومن ثم زيادة احتمالات فشل المفاوضات.
وبعد إعلان نتائج 649 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 650 مقعدا، حصل المحافظون على 318 مقعدا وحصل حزب العمال على 261 مقعدا وحصل الحزب القومي الاسكتلندي على 34 مقعدا.
ودعا كوربين زعيم حزب العمال ماي إلى الاستقالة وقال إنه يريد تشكيل حكومة أقلية.
* صعود حزب العمال
هبط الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار في ثمانية أسابيع وأمام اليورو في سبعة أشهر قبل أن يتعافى قليلا بعد أنباء تشكيل ماي للحكومة بدعم الحزب الديمقراطي الوحدوي.
ولم يقدم الحزب الذي أشارت له ماي بأنه صديق أي التزام في تصريحاته المبدئية.
وقالت زعيمة الحزب أرلين فوستر للصحفيين "تحدثت معي رئيسة الوزراء هذا الصباح وسنخوض مفاوضات مع المحافظين لنرى إن كان من الممكن تحقيق الاستقرار لبلدنا في هذا الوقت الذي ينطوي على تحديات كبيرة".
ومن المقرر بدء المحادثات بالغة التعقيد المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في غضون عشرة أيام فقط. لكن لا يبدو واضحا الاتجاه الأساسي الذي ستسلكه محادثات الخروج.
وقال كوربين، بعد أن فاز بمقعده في شمال لندن إن محاولة ماي الفوز بتفويض أكبر أتت بأثر عكسي.
وأضاف "التفويض الذي خرجت به هو فقد مقاعد للمحافظين وفقد أصوات وفقد دعم وفقد ثقة".
ومضى قائلا "أظن أن هذا يكفي لترحل وتفسح الطريق لحكومة تمثل حقا كل الناس في هذا البلد".
ومن غير المرجح أن يحصل كوربين على تأييد لتشكيل حكومة أقلية لكنه كان منتشيا بشكل واضح من أداء حزبه بعد أن أعلن منتقدون أن الحزب يحتضر.
* مخاطر تكتنف الانسحاب من الاتحاد الأوروبي
قال جونتر أوتينجر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الميزانية في تصريحات للإذاعة الألمانية "نحتاج حكومة يمكنها العمل... ومع وجود شريك تفاوضي ضعيف يكمن خطر أن تأتي المفاوضات بنتائج سيئة للجانبين".
ولم يلق وضع ماي تعاطفا يذكر من أوروبيين آخرين.
وعلى تويتر، كتب جي فيرهوفشتات رئيس وزراء بلجيكا الليبرالي السابق الذي اختاره البرلمان الأوروبي ليكون مفاوضا في محادثات الانسحاب "سيزيد هدف شخصي آخر، ماي الآن بعد كاميرون، من تعقيد مفاوضات معقدة بالفعل".
كان رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون يسعى لإسكات الأصوات المشككة في الاتحاد الأوروبي داخل حزب المحافظين عندما دعا لإجراء الاستفتاء على عضوية بلاده في التكتل. وأنهت النتيجة مستقبله السياسي وأحدثت صدمة في أوروبا.
ووجه المشرع الألماني المحافظ في البرلمان الأوروبي ماركوس فيربر انتقادات لاذعة قائلا "في أكثر لحظة غير مواتية، يشهد النظام السياسي البريطاني حالة من الفوضى الشاملة. وبدلا من قيادة قوية ومستقرة نشهد فوضى وعدم يقين".
وأمضت ماي حملتها الانتخابية في انتقاد كوربين بوصفه زعيما ضعيفا لحزب مبذر سيدمر اقتصاد بريطانيا ويعرقل محادثات الانسحاب وقالت إنها ستوفر "قيادة قوية ومستقرة" لإبرام اتفاق جيد للبلاد.
لكن حملتها تعثرت بعد تغيير جذري في سياسة رعاية المسنين بينما نالت حملة كوربين الاشتراكية الحماسية تأييدا أكبر مما كان متوقعا.
وفي المراحل الأخيرة من الحملة شهدت بريطانيا هجومين شنهما متشددون إسلاميون أسفرا عن مقتل 30 شخصا في مانشستر ولندن الأمر الذي حول التركيز إلى القضايا الأمنية.
ولم يساعد هذا ماي التي أشرفت عندما كانت وزيرة للداخلية لست سنوات على تقليص عدد أفراد الشرطة، وسعت لتحويل الضغط عليها باتجاه كوربين قائلة إن سجله ضعيف في القضايا الأمنية.