ما الذي يجب القيام به إزاء الممارسات التعسفية الحوثية ضد القطاع المصرفي في اليمن؟

[ البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء المحتلة بيد ميليشيات الحوثي ]

  تعاني البنوك التجارية والإسلامية وبنوك التمويل الأصغر في اليمن، خاصة تلك التي تتواجد إداراتها الرئيسية في العاصمة المحتلة صنعاء وفروعها في المحافظات المحررة، من ممارسات تعسفية تمارسها المليشيات الحوثية. تشمل هذه الممارسات استخدام وسائل الضغط والإكراه والابتزاز لإجبار البنوك على إغلاق فروعها وتجميد أعمالها كما حدث مؤخرا، مما يشكل تجاوزاً واضحاً لكل القوانين والأعراف المصرفية.
 
إضافةً إلى ذلك، تقوم المليشيات الحوثية بفرض رسوم وضرائب غير قانونية على البنوك، واحتجاز المديرين والموظفين كوسيلة للضغط عليهم. هذه الإجراءات التعسفية لم تؤثر فقط على البنوك ومؤسساتها، بل امتدت لتشمل كافة المواطنين اليمنيين الذين يعتمدون على هذه المؤسسات لإدارة أموالهم والحصول على التمويل اللازم لاحتياجاتهم اليومية والمشاريع التجارية. كما أن هذه الانتهاكات تزيد من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث تضعف القدرة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل الغذاء والدواء والتعليم.
 
 
دور المجتمع الدولي
 
تُظهر هذه التصرفات مدى تغلغل المليشيا الحوثية في هذا القطاع الحيوي الهام، وإصرارها على العبث به من جهة، وعجز إدارات تلك البنوك عن مقاومة الضغوط الحوثية من جهة أخرى. إن فشل البنوك في مقاومة هذه الضغوط يستدعي مساعدتها وإعداد استراتيجية شاملة لتحريرها من قبضة الحوثيين، بالتعاون مع المجتمع الدولي، كونها غير قادرة على أداء مهامها المصرفية وفقاً للقوانين المحلية والدولية التي تنظم العمل المصرفي، مما يهدد سلامة القطاع المصرفي وحقوق وأموال المواطنين.
 
إن الممارسات الحوثية ليست مجرد انتهاكات للقوانين والأعراف المصرفية، بل هي أيضاً تعبير عن استعراضات فارغة وبطولات زائفة تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب استقرار النظام المالي في البلاد. هذه الانتهاكات لم تضر فقط بالبنوك، بل أضرت بشكل مباشر بالمواطن اليمني، حيث حرمته من مدخراته واستثماراته وعقدت سبل عيشه، وكادت تقطع تواصله مع العالم بسبب هذه الممارسات الإرهابية والانتهاكات الصارخة للقوانين والأخلاق.
 
من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات فعالة لحماية النظام المصرفي اليمني ودعمه، بما في ذلك تقديم المساعدة الفنية والمالية للبنوك لمساعدتها على الصمود أمام هذه الضغوط، ودعم وتعزيز رقابة البنك المركزي في عدن لضمان الالتزام بالقوانين المصرفية وحماية حقوق المواطنين. يجب أيضاً دعم جهود بناء القدرات المحلية لتعزيز مقاومة هذه الممارسات، والعمل على إيجاد حلول طويلة الأمد لتحقيق استقرار واستدامة القطاع المصرفي في اليمن.
 
 
دور البنوك المنتهكة
 
وفي هذا السياق، يُعتبر التزام إدارات البنوك بضوابط العمل المصرفي وعدم الرضوخ لضغوط المليشيات خطوة حاسمة لتجنب الخضوع للإجراءات العقابية التي قد تفرضها الجهات المعنية. إن العمل المصرفي وفقاً للقوانين والأعراف الدولية والمحلية هو السبيل الوحيد للحفاظ على سلامة القطاع المصرفي وحقوق المودعين.
 
يجب على إدارات البنوك أن تتبنى نهجاً صارماً ومتماسكاً في مواجهة الضغوط الحوثية، والتعاون مع الهيئات الدولية والمحلية المعنية لضمان تطبيق أعلى معايير الحوكمة والشفافية. هذا الالتزام يشمل عدم الانصياع للابتزاز والتهديدات، والعمل على توثيق أي انتهاكات قد تحدث من قبل المليشيات وإبلاغ الجهات المختصة بذلك.
 
تُعتبر الشفافية والإفصاح عن المعلومات خطوة هامة في بناء الثقة مع العملاء والمستثمرين. يجب على البنوك أن تكون واضحة في تعاملاتها وأن تقدم تقارير دورية عن حالتها المالية وأنشطتها وعن الانتهاكات التي تتعرض لها من قبل الجماعة الارهابية، مما يساعد على طمأنة العملاء وحماية أموالهم.
 
 
دور السلطات الحكومية
 
كما يجب على السلطات الحكومية اليمنية في المناطق المحررة أن تتخذ إجراءات قانونية صارمة ضد أي محاولات تدخل غير قانونية في النظام المصرفي، وتعزيز الأمن لحماية المؤسسات المالية من أي تهديدات محتملة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتعاون هذه السلطات مع البنوك لضمان توفير بيئة عمل آمنة ومستقرة تمكنها من تقديم خدماتها بشكل فعال.
 
في الختام، يُعتبر تعزيز الحوكمة الرشيدة في القطاع المصرفي، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة الممارسات التعسفية، أمراً بالغ الأهمية لضمان استقرار النظام المالي في اليمن وحماية حقوق المودعين والمستثمرين.
 
إن تكاتف الجهود المحلية والدولية لتحقيق هذه الأهداف، سيساهم في حماية الاقتصاد اليمني من الانهيار، ويعزز من قدرة البنوك على تقديم الخدمات المالية الضرورية للمواطنين والمستثمرين. هذا التوجه سيؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، وتمهيد الطريق نحو تحقيق تنمية مستدامة وشاملة في البلاد.

-------------------------------
* باحث ومحلل اقتصادي
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر