تتزايد خسائر تركيا جراء الزلزال الذي ضرب جنوبي البلاد الإثنين الماضي، بعد الكشف عن الأضرار المادية من مبان وسكك حديد وخطوط الطاقة، لتصل التقديرات اليوم إلى رقم مذهل بنحو 10% من الناتج المحلي للدولة.
وقال اتحاد الشركات والأعمال في تركيا إن حجم الأضرار الناجمة عن الزلزال الكبير الذي ضرب البلاد، وأودى بحياة أكثر من 31 ألف شخص في تركيا وحدها، قد يزيد على 84 مليار دولار.
وأكد الاتحاد في بيان، اليوم، أن الزلزال المدمر تسبب في دمار مبان سكنية بحوالي 70.8 مليار دولار، إلى جانب 10.4 مليارات دولار أخرى في صورة خسارة في الدخل القومي. وقال اتحاد الشركات والأعمال إن الخسائر في القوة العاملة قد تكلف اقتصاد تركيا 2.9 مليار دولار، حيث ضرب الزلزال 10 مقاطعات وأثر بشدة على ملايين الأشخاص في تركيا، وأيضا في سورية المجاورة.
الضرر الواقع على البنية التحتية، مثل الطرق وشبكات الكهرباء والمستشفيات والمدارس، قد يرفع عجز الموازنة التركية إلى ما يزيد على 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2023
واستندت حسابات اتحاد الشركات والأعمال التركي إلى زلزال عام 1999 الذي كان قريبا من إسطنبول، وأودى بحياة نحو 18 ألف شخص، حيث تجاوزت حصيلة ضحايا الكارثة الحالية بفارق كبير زلزال 1999، ولا يزال الآلاف مفقودين.
وقدر بيان الاتحاد أن الضرر الواقع على البنية التحتية، مثل الطرق وشبكات الكهرباء والمستشفيات والمدارس، قد يرفع عجز الموازنة التركية إلى ما يزيد على 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، مقابل التقديرات الرسمية البالغة 3.5%.
وينفي مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية بإسطنبول محمد كامل ديميريل ما يشاع حول طلب تركيا المساعدة من شركات عقارية دولية لإعادة إعمار المناطق المنكوبة، بعد وعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتضررين ببناء مساكن لهم وتسليمها بغضون عام، لأن تركيا، برأي ديميريل، رائدة بقطاع الإنشاءات على مستوى العالم، وفيها نحو 130 ألف شركة متخصصة، منها 17 شركة مصنفة ضمن أولى 100 شركة عالمية بهذا المجال، وتحتل تركيا المرتبة الثانية عالمياً بتنفيذ مشروعات البنى التحتية ولها شركات موزعة على ثلاثة قارات حول العالم.
ولكن، يستدرك الباحث التركي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنه ورغم أن الأولوية ستكون للشركات التركية الرائدة بتشييد المطارات والجسور والمباني والطرقات، لكن ذلك لا يمنع دخول شركات عالمية للبناء والاستثمار، لأن "الخراب هائل"، مؤكداً أن مركزه أحصى "حتى الآن" نحو 7350 مبنى مهدم بالكامل وهناك نحو 14 ألف مبنى مهدم جزئياً أو متضرر، مقدراً كلفة إعادة البناء بنحو 2.5 مليار دولار.
مدير مركز بحوث: إذا أخذنا التعويضات والمرافق والمنشآت الاقتصادية بموجوداتها ومشتملاتها بالاعتبار، فربما نكون أمام 30 مليار دولار حجم الخسائر الكلية للاقتصاد جراء الزلزال
ويضيف المتحدث أن هناك تكاليف بنحو 1.5 مليار دولار لإعادة بناء وتأهيل السكك الحديدية وخطوط الطاقة (أنابيب غاز وبنى لنقل الكهرباء)، ولكن إذا أخذنا التعويضات والمرافق والمنشآت الاقتصادية بموجوداتها ومشتملاتها بالاعتبار، فربما نكون أمام 30 مليار دولار حجم الخسائر الكلية للاقتصاد جراء الزلزال بالولايات المنكوبة.
وحول ما يقال عن أثر خسائر الزلزال على طموح تركيا بوصولها للدول العشر الكبار، يرفض المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو وصفنا اهتزاز حلم تركيا، معتبراً أن تركيا التي تجاوزت الاختيارات السابقة، ستتجاوز خسائر زلزال كهرمان مرعش "رغم الألم وفداحة الخسائر"، مؤكداً على إعادة البناء وتسليم المتضررين منازل بغضون عام "كما تم الوعد خلال زلزال وان عام 2009 وزلزال إزمير قبل عامين، وتنفيذ الوعد"
ولكن، يقول عضو حزب العدالة والتنمية كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد": "لا يمكننا إنكار أثر الدمار والخسائر، بالأرواح أولاً، على نسبة النمو أو حتى سرعة وصول تركيا لمصاف الدول الكبرى العشر، لأن ناتج تلك الولايات نحو 9.3% من الناتج الإجمالي التركي، وفيها نحو 8.5% من إجمالي الصادرات التركية، تقدر بنحو 21.6 مليار دولار سنوياً".
ويلفت إلى أن ما زرعته تركيا، مع دول العالم خلال الكوراث الطبيعية وحسن تعاملها، لا شك ستحصد ثماره، أو بعض الثمار على الأقل، من خلال مساندة تلك الدول ووقوفها إلى جانب بلاده، ما سيخفف من المصاب ويعجل بالبناء وعودة النمو والإنتاج والصادرات.
وكان اقتصاديون قد أشاروا إلى أن النمو قد يتراجع نقطة أو نقطتين مئويتين دون النسبة المستهدفة البالغة خمسة بالمائة، لأن آثار الزلزال المدمر ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية أنقرة وستخفض النمو الاقتصادي، إذ إن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.
(العربي الجديد)