يترقب اليمنيون بمخاوف عديدة تطورات سوق الطاقة العالمية، التي تشهد قفزات سعرية كبيرة خلال الفترة الماضية، ومستوى استجابة الأسواق المحلية التي تعتمد بشكل كبير على استيراد احتياجاتها من الوقود، وفي ظل الإجراءات المتخذة مؤخراً لتخفيف القيود على ميناء الحديدة، وانفراج الأزمة في عدن بعد قيام البنك المركزي بتلبية طلبات استيراد الوقود وسداد مستحقات التجار المستوردين.
ومن المتوقع أن تستقبل الأسواق اليمنية شحنات وقود مستوردة بالأسعار الجديدة المرتفعة، في الوقت الذي تشهد فيه معظم مناطق البلاد الخاضعة لسلطات متعددة اختناقات وأزمات متواصلة ومتكررة في الوقود منذ بداية الحرب، وفق ما نقلت صحيفة "العربي الجديد".
وتستجيب السوق اليمنية منذ مطلع أكتوبر تحديداً لزيادة تدريجية في أسعار مختلف المشتقات النفطية، إذ وصل سعر الصفيحة الواحدة من البنزين 20 ليتراً في عدن إلى 7500 ريال من 5500 ريال في يوليو/ حزيران، و6800 في أغسطس وسبتمبر، بينما شارف سعر الليتر الواحد من البنزين في حضرموت الـ 800 ريال، بنسبة زيادة تصل إلى 700% مقارنة بنفس الفترة الراهنة من العام الماضي.
في المقابل، اعتمدت محطات البيع الرسمية والتجارية في صنعاء مؤخراً الأسعار التي كانت متداولة في السوق السوداء في الأشهر الأولى من العام الجاري نحو 11300 ريال، بعد تغطية احتياجات الأسواق التي عانت طويلاً من أزمات طويلة في المعروض، نتيجة لتخفيف القيود المفروضة على واردات الوقود في ميناء الحديدة.
ويتوقع الخبير المختص في مجال الطاقة جميل القاضي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، أن تشهد أسعار الوقود ارتفاعات قياسية ورسمية خلال الفترة القادمة في عموم محافظات اليمن، بعد استقبال ميناء الحديدة الأسبوع الماضي سفينة محملة بالمشتقات النفطية، خصوصا الغاز، لتغطية احتياجات الأسواق في مناطق شمال اليمن التي تعاني من أزمة شديدة نتيجة لتوقف الإمدادات القادمة من حقول صافر في مأرب بسبب المعارك العسكرية الدائرة هناك.
ويضيف أن السوق اليمنية مقبلة على أزمة سعرية كبيرة بعد إنهاء الحكومة اليمنية، من خلال البنك المركزي اليمني، إجراءات المصارفة الخاصة باستيراد المشتقات النفطية، بعد نحو 8 أشهر من آخر عملية قام بها المركزي اليمني.
وبرزت واردات الوقود إلى اليمن كورقة رئيسية في الحرب والصراع الدائرين، طوال السنوات الست الماضية، في بلد يعتمد بشكل أساسي على استيراد جميع احتياجاته من الوقود والغذاء والدواء، مع ارتفاع كبير في فاتورة الاستيراد في ظل زيادة الاستهلاك وانهيار العملة وتوقف التصدير.
وتشهد واردات الوقود ارتفاعاً ملحوظا خلال الشهرين الماضيين، إثر المباحثات التي رعتها سلطنة عمان لتخفيف القيود المفروضة على السفن المحملة بالوقود والمتجهة إلى ميناء الحديدة غربي اليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيين.
يأتي ذلك بعد انخفاض المتوسط الشهري لكمية الوقود المفرغة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2021 إلى 73% بحسب آخر بيانات التقرير الشهري لآلية التحقق والتفتيش للأمم المتحدة، لتصل إلى 38309 أطنان مقارنة بمتوسط شهري بلغ حوالي 142221 طنًّا عام 2020، وانخفضت بنسبة 78% لتصل إلى 180339 طنًّا مقارنة بالمتوسط الشهري منذ مايو/ أيار 2016.
وبلغ متوسط واردات الوقود، وفق بيانات ملاحية وإحصائية حملها تقرير صادر عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، نحو 157 ألف طن شهريًّا خلال العامين 2018 - 2019، ساهمت في تغطية حوالي 29% من الطلب المحلي في المتوسط خلال الفترة نفسها.
وبالتالي، فإن فجوة الطلب تقدمت بنسبة 71%، أي بحوالي 386 ألف طن شهريًّا في المتوسط، في حين توسعت هذه الفجوة من كافة الأوجه خلال العامين 2020–2021، اللذين تشهد فيهما البلاد أكبر أزمة في الوقود بسبب انهيار العملة المحلية إلى أكثر من 1200 ريال للدولار الواحد، وأزمات الاستيراد نتيجة لانعدام الدولار ونفاذ الاحتياطي النقدي من البنك المركزي اليمني.
ويعكس ذلك حقيقة أن قلة العرض من الوقود تمثل عاملًا أساسيًّا في أزمة المشتقات النفطية في اليمن، حيث ترتبط أسعار الديزل والبنزين والغاز ارتباطًا وثيقًا بوفرة العرض. وبغرض توفير العملة الأجنبية لمستوردي المشتقات النفطية، نفذ البنك المركزي في عدن عددا من خدمات المصارفة والتحويل الخارجي لتجار المشتقات النفطية عبر البنوك التجارية، بأسعار تقل عن أسعار السوق للعملة الأجنبية.
وتدل هذه النتائج على أن أزمة المشتقات النفطية تتسم بالتكرار والتزامن لجميع أنواع المشتقات في الفترة ذاتها، وهو الأمر الذي يضاعف المعاناة والأثر السلبي على مختلف شرائح الدخل الثابت والمؤقت في اليمن، الذي يشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
المصدر: العربي الجديد