السمك اليمني .. طبق وطني في جيبوتي

تستحضر النكهةُ الحارّةُ الاستثنائيّة للأسماك اليمنية في جيبوتي التّاريخَ المعقد المُتعدّد الثقافات لهذا البلد الساحليّ الصغير الواقع بين إفريقيا والجزيرة العربيّة.
 
في وقت الغداء، يزدحم مطعمُ «شي حمداني» في العاصمة الجيبوتيّة، مشاهير محليون ومغتربون زوّار ورعاة رحّل.. يتوافد الجميعُ إلى المطعم الذي أُنشئ قبل عقود عدّة لتذوّق السمك اليمنيّ، وهو الطبق الوحيد على قائمة الطّعام.
 
روى أبو بكر موسى، وهو مُذيع تلفزيونيّ سابق، فيما ينتظر طبقه: «إنّها وصفة مُستوردة من اليمن اعتمدناها، وهي جزءٌ من عاداتنا الغذائية».
 
وأضاف الرجل البالغ 63 عامًا – وهو زبون منتظم في هذا المكان -: «كل الجيبوتيّين، سواء كانوا صغارًا أو كبارًا، يتناولونه».
 
ولا يثبط الحرّ الشديد في جيبوتي حماس موسى أو أحفاده البلجيكيّين الذين أَتَوا لزيارته.
 
وقالت سوهان (16 عامًا) التي اكتشفت الطبق مع جَدّها: «في كل مرّة أزور جيبوتي، نأتي إلى هنا، وأنا سعيدة جدًا».
 
وأضافت: «عندما نعدّ هذا الطبق في المنزل في بروكسل، يكون طعمه مختلفًا، لكنه يذكّرني بجيبوتي. إنه ذكرى صغيرة».

 
الفلفل هو الأهمّ
 
 
 
يقوم صيادون مرّات عدّة في اليوم بتوصيل الدنيس، والبوري، وأنواع أخرى من الأسماك إلى العديد من مطاعم السمك اليمنية التي تعرف باسم «مقباسة»، المنتشرة في المدينة الساحلية التي يفصلها خليجُ عدن عن اليمن.
 
بعد ذلك، يحين الوقت ليبدأ الطهاة العمل. تقطع الأسماك بالطول وتملّح قبل دهنها بخلطة من الفلفل الأحمر المُعتدل المستورد من إثيوبيا، باستخدام فرشاة.
 
قال أحدُ الطهاة فيما يثبّت سمكة في قضيب معدني طويل قبل وضعها في فرن طين تقليدي يُشبه «التندور الهندي» «أهمّ مكوّن هو الفلفل».
 
في كل أنحاء مدينة جيبوتي، يتمّ تناول الأسماك اليمنية مع فطائر البانكيك، و«فاتا» وهي عجينة مصنوعة من الموز أو التمور، وعادة ما تُباع بنحو ألف فرنك جيبوتي (5 يوروهات).
 
ويعزو صاحبُ المطعم عمر حمداني الشعبيةَ المُستمرّة لمطعمه إلى وصفة جَدّه «المشهورة عالميًا» بعد قرابة قرن من هجرته إلى جيبوتي من اليمن.
 
لم يتغيّر الكثير في «شي حمداني»، منذ ذلك الحين، باستثناء إضافة طابق ثانٍ، فما زالت جدرانه مزيّنة بالخزف التقليديّ. وهناك صالة طعام صغيرة في الخلف مُخصّصة للنساء اللواتي يرغبن في تناول الطّعام بمفردهنّ، أمّا الوصفة، فعلى حالها، قال صاحب المطعم: «حملها جَدّي من اليمن، وافتتح هذا المطعم ثم تولّى والدي المسؤولية منه، والآن حان دوري لأتولى زمام الأمور».
 
اليمنيون هم ثالث أكبر جماعة إثنية في جيبوتي، بعد قبيلتَي عيسى وعفر، والهجرة والتجارة بين البلدَين موجودتان منذ آلاف السنين. لكن في السنوات الأخيرة، اتخذ تاريخهما المُشترك منعطفًا مأسويًا مع عبور آلاف اليمنيين مضيق باب المندب بحثًا عن ملاذ في جيبوتي والهروب من الحرب التي عصفت ببلدهم منذ العام 2014.
 
بعد الفرار من صنعاء إلى جيبوتي، أنشأ الموظّف الحكومي السابق أمين مقتل «مقباسة» تسمّى «الكعبول» مع مهاجرَين آخرَين لرغبتهم في بداية جديدة وتوقهم إلى طعم الوطن.
 
وقال أمين البالغ 45 عامًا: «عندما أكون في هذا المطعم، أتناول الطعام فيه مُحاطًا بأبناء بلدي، أشعر بأنّني بخير. لأنَّ كلّ ما كان لدي في اليمن موجودٌ هنا».
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر