الضالع: جبهة "مريس".. حضور الجيش والمقاومة وغياب التحالف والشرعية (تقرير خاص)

 
 عامان ونصف على ولادة جبهة مريس- شمال محافظة الضالع، جنوب اليمن، تكفي لتحكي تفاصيل استثنائية من قصة صمود واستبسال ابطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في ظل تجاهل وخذلان مريب من التحالف العربي والشرعية على حد سواء.
 
وتعد جبهة مريس، على صغر مساحتها، واحدة من أشرس الجبهات التي ما برحت الميليشيات الانقلابية تستميت على أسوارها، على أمل العودة مجددا الى مدينة الضالع، في طريق رغبتها الملحة لبلوغ العاصمة المؤقتة (عدن) مرة أخرى.
 


جبهة "مريس".. خلفية التشكل والصمود
تتبع "مريس"-إداريا- مديرية "قعطبة"، وتتكون من ثلاث عزل، هي: المجانح، وعساف، والعمرية. ويبلغ إجمالي عدد سكانها قرابة 70 ألف نسمة.
 
وترجع البداية الأولى لتشكل جبهة مريس إلى مطلع العام 2015، حين أعلن عن تشكيل قوة موحدة تحت قيادة العقيد الشهيد/نصر الربية، قائد محور جبهة مريس - دمت – جبن.
 
وفي صبيحة الثامن من أغسطس/آب 2015، يوم إعلان تحرير الضالع بالكامل من الانقلابيين، تكللت أبرز مهام جبهة مريس بالنجاح من خلال تطهير واستعادة معسكر الصدرين. وهو أحد أهم وأقوى المعسكرات التي كانت تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية، والذي أصبح حاليا مقرا للواء 83 مدفعية. وفي هذه العملية استشهد قائد الجبهة الشهيد العقيد/نصر الربية، مع رفيقه الشهيد العقيد/صالح ريشان.
 

 
وعلى أطراف المحافظة الشمالية والشرقية، خاضت الميليشيات الانقلابية معارك ضارية للعودة، حتى نجحت في مطلع نوفمبر/كانون الثاني 2015 (أي بعد ثلاثة اشهر فقط من تحرير المحافظة) من استعادة السيطرة على مديريتي دمت (شمالا) وجبن (شرقا). لكنها فشلت من التقدم أكثر، حيث تصدت لها قوات الجيش والمقاومة الشعبية في جبهة مريس (مديرية قعطبة)، التي -ومنذ ذلك الحين- تستخدمها قوات الجيش والمقاومة كحائط صد متقدم، حيث تدور على اطرافها معارك ومواجهات لم تتوقف حتى اللحظة.
 
 وبرغم عدم تلقي جبهة "مريس" للدعم المطلوب والمناسب من التحالف العربي والحكومة الشرعية، على حد سواء، إلا أن الميليشيات الانقلابية – برغم استماتتها هناك-عجزت طوال العامين الماضين من اختراق هذه الجبهة.
 
ويعود ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به مريس. حيث تمتلك تضاريس جبلية شاهقة تطل على غالبية مديريات الضالع كـ: قعطبة، والحصين، والشعيب، وجحاف، ودمت وجبن؛ فضلا عن أجزاء من محافظة اب المجاورة، التي تسيطر عليها الميليشيات.
 
وعليه، يرى الكثير من العسكريين والمراقبين أن استماتة الميليشيات الانقلابية لإحراز اختراق في جبهة مريس، يعود بدرجة رئيسية إلى الرغبة في السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي.
 
وأكد قائد اللواء 83 مدفعية العميد/عبدالله مزاحم، لـ"يمن شباب نت" أن الأهمية التي تتمتع بها جبهة مريس "تأتي من كونها تعد البوابة الشمالية لمحافظة الضالع واقليم عدن، فضلاً عن كونها إحدى البوابات الرئيسية لتحرير محافظة اب". 

بعيدة عن الشرعية والتحالف..قريبة من الحاضنة الشعبية


 
مقارنة بما تعانيه بعض الجبهات التابعة للشرعية من مشاكل في شحة الدعم، يبدو أن جبهة مريس هي الأكثر معاناة وتجاهلا، حيث يغيب فيها -بشكل واضح- دور التحالف والشرعية. الأمر الذي جعلها تقتصر على أن تكون حائطا متينا لصد الهجمات أكثر من التقدم للهجوم.
 
بحسب القائم بأعمال قائد جبهة مريس/الدكتور محمد الخيراني، تعاني جبهة مريس من مشاكل كثيرة، تتمثل أبرزها بنقص التموين في التغذية والسلاح، مشيرا إلى أن ما يصل من الشرعية للجبهة لا يساوي 5% مما هو مطلوب.
 
وأكد الخيراني أن جبهة مريس رغم أنها مشتعلة وتحتاج إلى ميزانية مفتوحة، إلا أنها لا تحظى باستجابة من قيادة المنطقة العسكرية الرابعة لتلبية احتياجات الجبهة، سوى فيما يتعلق بتوفير السلاح والذخائر والوقود أم بالتغذية، بل حتى في أبسط المتطلبات كالبطانيات والملابس.
 
وكشف الخيراني أن الجبهة تعاني من ديون نتيجة شراءها السلاح، بلغت ما يقارب 70 مليون، فضلاً عن تحملها ديون أخرى في التغذية وعلاج الجرحى.

 
وهو ما يؤكده ايضا الناشط "همدان الحقب"، الذي أنتقد دور الشرعية والتحالف في جبهة مريس، واصفا إياه بأنه "محدود جدا، إن لم يكن غائبا"، مستدركا: "وإن كان هذا الدور يحضر فقط في رواتب اللواء التي يحصل عليها بشكل نصف سنوي".
 
ويضيف الحقب، ضمن حديثه مع "يمن شباب نت"، أن التحالف والشرعية "يتجاهلون هذه الجبهة إلى درجة توحي وكأنها لا تعنيهم"، مشيرا إلى أن جبهة مريس "لم تحصل على عربة واحدة يمكن أن تستخدمها المقاومة لإسعاف الجرحى في الظروف الصعبة".
 
 أما قائد اللواء 83 مدفعية العميد/ عبد الله مزاحم، فلا يعير تلك الأحاديث أهمية كبرى، مؤكدا في حديثه لـ"يمن شباب نت"، أنه "رغم كل التحديات والمشاكل القائمة، فأن القوات المسلحة لن تترك مديريتي دمت وجبن في قبضه الميليشيات"،  مضيفا: "والسير على درب الزبيري وتحرير العاصمة صنعاء قريبا بإذن الله".
 
ويقول مزاحم إن الجيش والمقاومة في جبهة مريس "لديهم إيمان راسخ بأن المعركة التي يخوضونها أنما هي دفاعا عن الدين والارض والعرض". في رد غير مباشر على من يتساءلون عن استماتتهم برغم قلة الدعم.   
 
يأتي ذلك فيما يرى الكثير من أبناء المنطقة والمقاومين أن الحاضنة الشعبية الداعمة للمقاومة تعد عاملا رئيسيا لصمود جبهة مريس في وجه الميليشيات التي تتمتع بقوات كبيرة وأسلحة متطورة، مقارنه بالجيش والمقاومة.
 
ويصف الناشط "همدان الحقب" مستوى الالتفاف المجتمعي مع الجيش والمقاومة في جبهة مريس بأنه "قوي وبارز"، مضيفا لـ"يمن شباب نت": أن الجميع يراهن على جبهة مريس في تحرير ما تبقى من محافظة الضالع، مديريتي "دمت" و "جبن"، وما وراء حدود المحافظة.
 
خارطة المعارك والسيطرة
 


على مساحة لا تزيد عن ثلاثة كيلو متر تقريبا، تشتعل المواجهات على أسوار مريس، من ثلاثة اتجاهات ضمن ثلاثة قطاعات عسكرية: فمن الشمال تدور المعارك مع مديرية دمت؛ ومن الشرق مع مديرية جبن؛ وأجزاء من منطقة العود التابعة لمحافظة اب من الغرب.
 
ويشارك في جبهة مريس لوائيين عسكريين تابعين للجيش الوطني، مسنودين من المقاومة الشعبية، هما: اللواء 83 مدفعية التابع للمنطقة العسكرية الرابعة بقيادة العميد/عبدالله مزاحم؛ ولواء الاستقبال التابع لمحور اب بقياده العقيد/فضل القاضي.
 
وعلى مدى العامين ونصف من المواجهات تمكنت المقاومة من تحقيق عدة مكاسب على الأرض، أهمها استعادة السيطرة على 30% من مريس، والتي كانت تحت قبضة الميليشيات بعد أن تسللت اليها إبان سقوط مديريتي دمت وجبن.
 
وينشر "يمن شباب نت" أسماء المناطق والقرى والمواقع التي حررتها واستعادتها قوات الجيش والمقاومة في جبهة مريس، خلال فترة العامين ونصف الماضية من المواجهات، وهي: قرى الجروف والزيلة وحجلان ويعيس والقهرة وبيه وأدمة وصالان والرفقة، ومواقع وجبال ووديان مختلفة من قرى مريس الشمالية والشرقية..
وفي مقابل ذلك، تمكنت الميليشيات من السيطرة على جبل ناصه الاستراتيجي وقرية رمه غرب مريس.
 
جردة حساب عسكرية وإنسانية



خلفت نيران الحرب المشتعلة خسائر فادحة في صفوف الميليشيات، كما قدم الجيش والمقاومة تضحيات ثمينة في هذه الجبهة.
 
ووفقاً لإحصائية حصل عليها "يمن شباب نت" حصريا، فإن الخسائر البشرية لقوات الحوثي والمخلوع في جبهة مريس- خلال عامين ونصف- بلغت أكثر من 600 قتيل، وما لا يقل عن 1500 جريح، كما خسرت نسبة كبيرة من عتادها العسكري.
 
وفي المقابل، طبقا للإحصائية التي حصل عليها "يمن شباب نت"، قدمت قوات الجيش الوطني والمقاومة بجبهة مريس ما يقارب 200 شهيد وأكثر من 700 جريح.
أما في الجانب الا نساني، فقد تسببت الحرب على أطراف مريس في خلق أوضاع انسانية صعبة، حيث أدت إلى تشريد أكثر من 2000 أسرة، فضلا عن سقوط المئات من الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح.
 
 

 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر