معهد أمريكي: علي محسن الأحمر آخر رجال سنحان نفوذاً (ترجمة خاصة)

[ الفريق علي محسن الأحمر ]

شهد تاريخ اليمن سلسلة من تحالفات المصالح التي تكشفت مؤخرا بشكل مثير للدهشة من خلال زواج مبني على المصالح دام ثلاث سنوات بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين الزيديين الشيعة والذين قتلوا صالح في 4 من ديسمبر بعد أيام من احتدام القتال في العاصمة صنعاء.

وقد اعتبرت السعودية وحلفاؤها مقتل صالح دليل على أنه لا يمكن الوثوق بالحوثيين، كما أشارت (الحادثة) إلى أن صالح عزز من قوة المليشيا المتطرفة بالسماح لإيران بالحصول على موطئ قدم للنفوذ في البلد الهام استراتيجيا والذي يعاني من الفقر.

بيد أن الرياض عبر محاولاتها لتوحيد القوات المتعددة التي تعمل على الأرض في اليمن، قد وجدت نفسها أيضا ترعى شخصية مثيرة للجدل بشكل كبير، انه الجنرال علي محسن الأحمر حليف صالح ذات يوم والذي انشق عن نظامه في عام 2011.

ويعد علي محسن لاعبا مؤثرا في شبكة من الجماعات الإسلامية القبلية السنية والتي يشكل حزب الإصلاح مركز ثقلها. وقد استطاع محسن أن يجعل من نفسه أفضل أمل للسعودية يمكنها من كسب الانتصار العسكري ضد الحوثيين، بالإضافة إلى انه يمثل الخط الأخير للدفاع عن الجمهورية التي يتَّهِم الأحمر وأعداد متزايدة من اليمنيين، الحوثيين بأنهم يسعون لإعادة الإمامة .
 
وفيما إذا كان بمقدور الأحمر تحقيق نتائج على الأرض، فإنه من المحتمل أيضا أن يكون قادرا على الانطلاق مرتكزا على منصبه الحالي ليهندس لنفسه عودة غير متوقعة إلى السلطة.
 
في حالة احتمالية حدوث ذلك فإنه من المحتمل أن يواجه ماضيه انتقادات أكثر. كما انه من المرجح أن يكون أي دور مستقبلي لمحسن، مصدر لغضب جماعات جنوبية، والتي لا تزال تلومه بخصوص التجاوزات التي حدثت خلال حرب انفصال الجنوب.
 

العودة مجددا

منذ وقت مبكر في الصراع اليمني، تحدثت تقارير عن أن علي محسن الأحمر في طريقه للعودة مجددا، حيث أن محسن، الشخصية الغامضة المثيرة للجدل كان قد فر من صنعاء في سبتمبر من عام 2014 عندما استولت مليشيات الحوثيين على المدينة، وقد كان يوصف سابقا بأنه "القبضة الفولاذية" لنظام اليمن المركزي غير أنه سريعا ما أعتبر قوة منهكة.

تدخلت السعودية في الصراع اليمني في مارس 2015 وخلال فترة وجيزة أصبح من الواضح أن علي محسن كان يقوم بتدريب ونشر الجنود من قاعدة في الأراضي السعودية للقتال جنبا إلى جنب مع رجال القبائل ضد الحوثيين على جبهات متعددة من اليمن. حيث خضع محسن منذ ذلك الحين لتحول لافت في مجريات الأمور.

وقد برزت آخر التحولات في بداية ديسمبر، عندما وصلت خصومته مع رجل عشيرته علي عبد الله صالح- والتي تقبع في قلب حرب اليمن- إلى نهاية مثيرة، بعد أن بدت المصالحة بينهما أمرا وشيكا.
 
صداقة قديمة لعقود تحولت إلى خصومة أنتهت بإعدام صالح داخل بيته في صنعاء على أيدي الحوثيين الذين تحالف معهم صالح لكي ينتقم من أعدائه السابقين بما فيهم علي محسن. حيث في الوقت نفسه كان رجل قبيلته سنحان على رأس جيش يبعد عنه 60 ميلا، وكان يبدو جليا استعداده لاستعادة العاصمة.
 
مقتل صالح يجعل من علي محسن آخر عضو لا يزال حيا من مجموعة من الرجال القبليين الذين صعدوا إلى السلطة في أواخر عام 1970 واستمروا طيلة ثلاثة عقود ونصف لاحقة. وربما أن محسن يعد شخصية حاسمة بالنسبة للخطط السعودية للانتصار عسكريا في الحرب. بالإضافة الى كونه الأمل الأخير لنجاة حزب الإصلاح باعتباره الحزب الإسلامي السني الرئيسي في اليمن، والذي يجد نفسه بين الحوثيين من جهة، وبيئة إقليمية يتزايد عداؤها للإسلاميين من جهة أخرى.
 
غير أن ماضي الرجل المليء بعبارات الاستفهام يبرز مسؤولية لافتة حيال السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في حال حافظ على منصبه الحالي أو ارتقى إلى منصب أعلى. الأمر الذي يثير تساؤل أكبر مؤيديه في الوقت نفسه، حيث يتساءلون فيما إذا كان الأحمر مستعدا أو قادر على التصرف.
 
 
جذور الجمهورية

تعود جذور الاضطرابات الحالية في اليمن الى الحرب الأهلية في 1960-70، حيث اصطف خلالها الجمهوريون القوميون العرب تحت قيادة ضباط ورجال قبليين ضد مؤيدي الإمامة، وهي ملكية دينية يتزعمها السادة (الهاشميون الزيديون، سلالة النبي محمد) والذين فرضوا مجموعة من القيود الصارمة من ضمنها التعليم الديني الطائفي، والعمر، ونقاء السلالة على كل من يطمح للحصول على منصب رفيع.

ما شكل أمرا رمزيا لنجاح الجمهوريين في الإطاحة بالإمامة، تمثل في صعود مجموعة صغيرة من الضباط الشباب من قبيلة سنحان الهامشية في ذلك الوقت، الى مواقع قيادية في السلطة في صنعاء وأشهرهم كان علي عبد الله صالح، قائد سلاح الدبابات سابقا والذي شق طريقة الى قيادة الجيش في البداية ثم إلى الرئاسة عندما كان عمره 36 عاما.

ويقال أن صعود صالح تم تدبيره خلال جلسة قات حضرها رجال سنحان الكبار، الذين قاتلوا من اجل قضية الجمهورية خلال الحرب، حيث اتفقت سنحان على أن صالح، الشخص الاجتماعي الماكر والذي كان في ذلك الوقت قائدا للقيادة العسكرية في تعز ومدعوما من قادة المنطقة، سيلعب دور قائد وممثل القبيلة، حيث تم رسم خارطة خط الخلافة في الرئاسة، والذي اعتبر إجراء مهم بالنظر إلى قصر التوقعات لحياة الرؤساء آنذاك.

وتمثلت تلك الخطة أنه في حالة عندما يقتل صالح، فسيخلفه علي محسن الاحمر الذي كان يبني قاعدة نفوذ في القيادة المركزية بصنعاء، وقد اغتيل الرئيس احمد الغشمي في يناير عام 1978 بعد أقل من عام على خلافته لإبراهيم الحمدي الذي كان قد قتل ايضا.

بادرت سنحان بالسيطرة على أجهزة وتعيينات عسكرية رئيسية، حيث مارست النفوذ للدعم القبلي ورفعت التمويل من أجل شراء ولاءات الجنود العسكريين العاديين. وسيطر علي محسن، حليف صالح القريب والاكبر سناً منه في ترتيب  سنحان، على مراكز القيادة في صنعاء وقد أصبح صالح رئيسا بعد شهر من ذلك.

ونتيجة لتعزيزها وتشجيعها بتحالف ثان بين سنحان والشيخ القبلي المؤثر عبدالله بن حسين الاحمر، فقد تجنبت الجمهورية الانزلاق نحو سلسلة من الاغتيالات والفوضى السياسية، حيث كانت تبدوا مهيئة لذلك. وبقي صالح في السلطة طيلة الـ33 عاما التالية. خلالها أخمد تمرد اليساريين ووحد الشمال مع الجنوب الاشتراكي في 1990 وهزم الانفصاليين في الحرب 1994 قبل ان يواجه تحديات شتى لسلطته من ضمنها الآتية من اأقرب حلفائه.


ماضي غامض

اتسم حضور علي محسن في نظام علي عبد الله صالح بأنه كان مستقرا وثابتا، بالرغم من الغموض. حيث برزت فرقته الأولى مدرع كأنها القوات المسلحة الأقوى في اليمن، كما لعب محسن دورا محوريا في إنشاء جهاز الأمن السياسي الذي كان له علاقات قريبة مع المخابرات السعودية والباكستانية، وقد لعب محسن دورا هاما أيضا في تجنيد اليمنيين للقتال في أفغانستان كمجاهدين وفي إعادة استيعابهم بعد عودتهم الى اليمن.

وقد تحول الكثير من اليمنيين القادمين من المرتفعات الجبلية ذات المذهب الزيدي تاريخيا، إلى التفسير السني للإسلام بعد ثورة 1960 كجزء من رفض واسع للمذهب الذي استخدم لتبرير الطبقية الاجتماعية خلال حكم الأئمة الزيدييين.

وقد كان ينظر إلى علي محسن، الذي يقال أنه تأثر بأيدلوجية الإخوان المسلمين خلال الفترة التي قضاها في مصر، على أنه كان مؤمنا صادقا يمثل الوعي الديني للنظام، على النقيض من صالح الذي كان ينظر إليه باعتباره مهرب خمور، متحمس للويسكي وبراغماتي كبير.

كما أن علي محسن كان قريبا من قيادات الجناح اليمني للإخوان المسلمين مثل عبد المجيد الزنداني الذي كان مستشارا لبن لادن يوما ما، وقيادات الإصلاح الذي انتمى إليه الزنداني (وبالرغم من علاقة علي محسن الطويلة بالإصلاح، إلا أنه ظل عضوا في المؤتمر الشعبي العام) الحزب الذي أسسه مع صالح في الثمانينيات.
 
الثورة والتوتر مع النظام

في بداية عام 2000، قام صالح بإرسال محسن الى الشمال ليقود القتال ضد الحوثيين الجماعة المتمردة في ذلك الوقت، والذي قتل زعيمهم حسين الحوثي  في أول جولة من القتال مع الحكومة. وفي عام 2004 كافح علي محسن لاحتواء الحوثيين خلال ست جولات قتال امتدت من 2004 حتى 2010.

وقد تكهن في صنعاء بأن صالح، المعروف بتحالفاته العبثية وتكتيكات "فرق تسد"، كان يقدم الدعم للتمرد لإبقاء علي محسن منشغلا ولإنهاك الفرقة الأولى مدرع، بينما استخدم التمويل الأمريكي لتنشئة وتطوير قوات الحرس الجمهوري التي كان  يقودها نجله احمد، وهو ما ظهر جليا من خلال تسريبات ويكيليكس، التي كشفت انه خلال الحرب السادسة في صعده، حاول قادة عسكريون مواليين لصالح إقناع الطياريين السعوديين باستهداف مراكز قيادة علي محسن العسكرية في قلب محافظة صعدة.

ثم بعدها في عام 2011، نزل المتظاهرون الى الشوارع، في البداية للمطالبة بالإصلاحات ثم تطورت الى المطالبة بتنحي صالح فيما بعد. وبعد جمعة 18 مارس الدامية أعلن محسن انضمامه للثورة. وشهدت تعز وصنعاء اشتباكات بين محسن والإصلاح آل الأحمر من جهة، وبين الجيش والقبائل الموالين لصالح من جهة اخرى. وفي يونيو عام 2011 وقع انفجار في مسجد صالح الخاص بصنعاء والذي كاد يقتل صالح، واتهم الإصلاح وعلي محسن بالوقوف وراء الحادث.

وفي نوفمبر 2011، ونتيجة لإضعافه بذلك التفجير، وتحت تهديد فرض العقوبات وحظر السفر من قبل الحكومات الغربية فقد استسلم صالح للضغط الدولي ووافق على تسليم السلطة لنائبه هادي، ليقضي ذلك على تحالف سنحان.

في بادئ الأمر بدى وكأن علي محسن والإصلاح من بين الرابحين من انتفاضة 2011، خصوصا بعدما تحرك هادي لعزل أتباع صالح من المؤسسات الأمنية والعسكرية والحكومة، واستبدلهم بحلفاؤه ومقربين من الإصلاح. وفي العام 2012 أزاح هادي أحمد علي عبد الله صالح من قيادة قوات النخبة في الحرس الجمهوري، وعينه سفيرا في الإمارات، كما أقيل محسن من قيادة الفرقة الأولى مدرع وعين مستشارا عسكريا للرئيس، المنصب الذي استطاع من خلاله الاستمرار بفعالية في البقاء متحكما بالوحدات الموالية له.
 
وخلال الفترة الانتقالية التي تلت رحيل صالح من السلطة، بقيت الخصومة ثابتة بين علي صالح والمؤتمر الشعبي العام من جهة، وعلي محسن والإصلاح من جهة أخرى. وفي 2011 استولى الحوثيون الذين استغلوا فراغ السلطة على محافظة صعده بدون مواجهة، كما بدءوا معركتهم جنوبا باتجاه صنعاء وسط دعم ضمني من صالح.

وفي يوليو 2014 سيطر الحوثيون على معظم محافظة عمران، معقل آل الأحمر، ووصلوا إلى مدينة عمران القريبة من صنعاء وقتلوا حميد القشيبي القائد العسكري البارز حليف محسن. وبحلول سبتمبر 2014 كانوا في ضواحي صنعاء يطلون على معسكر الفرقة الأولى مدرع الذي شكل رمزا لقوة الفرقة لعقود.

ويرى حلفاء محسن أن لصالح يدا في صعود الحوثيين. فقد فعل الرئيس السابق وخصمهم، المستحيل، وتحالف إلى جانب السادة، على أمل أن يسحق حلفاءه السابقين ويعود للسلطة.
 

خديعة أخرى

يزعم أناس قريبين لمحسن بأنه خلال محاصرة الحوثيين لصنعاء وقعت خديعة أخرى. فقبل وأثناء القتال حول صنعاء، ضغط محسن ومسئولون رفيعون في الإصلاح على الرئيس هادي لإعلان الحرب على الحوثيين ولإصدار أوامر إلى الجيش للدفاع عن المدينة بمساعدة مقاتلين شُكلوا من الإصلاح وآل الأحمر.

وخلال ذلك الوقت كانت القوات الوحيدة التي تقاتل الحوثيين هي مليشيات قبلية تابعة للإصلاح وموالين لمحسن، واعتقد علي محسن أن بإمكانه حشد بضعة آلاف المقاتلين من المؤسسات العسكرية والأمنية والقبائل والإصلاح لقتال الحوثيين، وبحسب مقربين من علي محسن، لم يكن الرجل مستعدا لإرسالهم إلى المعركة من دون موافقة هادي العلنية.

وقد كان محسن والإصلاح يخشون من كونهم أدوات للعبة ما. ففي السر كان هادي يطلب منهم أن يقاتلوا الحوثي، لكنهم كانوا يخشون من أنه كان يعرض القتال، للدبلوماسيين الأجانب، على أنه صراع طائفي بين كيانات اللادولة، وأنه يخطط لاستخدام ذلك الصراع لنزع المصداقية من كلا الطرفين؛ الحوثي والإصلاح.

وخلال لقاء في 21 سبتمبر في القصر الرئاسي بحسب مقربين، فقد وجه محسن لهادي انذارا أخيرا قائلا "أعلن أن الدولة في حالة حرب مع الحوثيين واحشد حرسك الرئاسي وسأتقدم مدافعا عن المدينة، وإن لم تفعل ذلك فسأغادر". لكن هادي راوغ قائلا "قاتل الحوثيين وسيصدر الإعلان قريبا" بحسب تقارير. لكن محسن غادر بعد أن اشتم رائحة فخ وأمر رجاله بالتنحي جانبا عن المشهد، وما هي إلا ساعات حتى كانت صنعاء تسقط بيد الحوثيين وصالح.
 
العودة إلى السلطة

 في البداية بدى الأمر وكأن الماضي المريب لعلي محسن سيحد من قدرته على الفوز بمنصب رسمي في الحرب ضد الحوثيين، وعندما عاود الظهور إلى المشهد في البداية في منتصف 2015، كان دبلوماسيون ومسؤولون سعوديون واضحين بالقول بأن علي محسن لن يُمنح دورا كبيرا ورفيعا نتيجة تعامله المريب مع الإسلاميين، أو انه لا يحظى بشعبية لدى شرائح واسعة في المجتمع اليمني خصوصا الجنوبيين إضافة الى الحوثيين أنفسهم بالطبع.
 
ولكن مع بداية الصراع فقد تنامت مكانته، حيث أنه قام بتجنيد رجال القبائل وجنود سابقين ومن ثم ضمهم الى صفوف الجيش الوطني اليمني الجديد الذي بالرغم من تحقيقه الكثير، الا أنه لا تتوفر أرقام بخصوص عدد الأفراد الذين تحت سيطرة علي محسن، أو ماهية البنية القيادية الرسمية. كما أنه بالرغم من النجاحات المحدودة في ميادين القتال، فإنه ينظر للجيش كقوة عسكرية يحسب لها.

وبطرق عديدة فقد أنجز علي محسن ما كان محتملا أن صالح كان يأمل بتحقيقه لنفسه. فبينما يصعد الحوثيون فهو يجعل من نفسه الخيار الاكثر جذبا أو الاقل ضررا على الاقل بالنسبة للقوى الخارجية.

في العام 2016 عين هادي اللواء علي محسن نائبا للرئيس ونائبا لقائد القوات المسلحة، الخطوة التي أثارت غضب المسئولين الأمريكيين آنذاك والذين يعتقدون أن لدى علي محسن ارتباطات بالمتطرفين. كما أغضبت تلك الخطوة الإماراتيين الذين يرى حاكمهم  الفعلي محمد بن زايد، الإخوان المسلمين كتهديد على غرار إيران والقاعدة، غير أن تلك المواقف  ذابت لتصبح أكثر مرونة بعد ذلك. حيث التقى السفير الأمريكي إلى اليمن ماثيو تول، والذي يقيم في جدة، بعلي محسن الأحمر في مناسبات عديدة.

وفي بداية 2017 تم إنشاء مجلس ترويكا جديد (يضم أطرافا من مختلف الأطياف) لكي يقوم بالتنسيق بين الإمارات التي تعد لاعبا رئيسا في جنوب اليمن، والسعودية والحكومة اليمنية. حيث يرأس علي محسن المجلس الذي يضم كلا من نائب رئيس المخابرات السعودية اللواء احمد عسيري، بالإضافة إلى نائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإماراتي علي بن حمد الشامي.

وبعد أيام من مقتل صالح، التقى محسن بمسئولين أمريكيين رفيعين. ما شمل امرأ جديرا بالاهتمام كان ما حدث في منتصف ديسمبر من لقاء بين محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي مع قادة حزب الإصلاح في الرياض، الأمر الذي شكل اختراقا ونقطة تحول رئيسية عن السياسة السابقة (للإمارات) التي اعتمدت على رفض أي مقترحات أو مفاتحات تأتي من الإصلاح.
 

حلة الإمبراطور الجديدة

 يتساءل مراقبون يمنيون برغم ذلك فيما إذا كان محسن مستعدا أو قادرا على التصرف بشكل حازم. فعندما أعلن صالح انشقاقه عن الحوثيين ودعا لانتفاضة مسلحة ضد حلفاؤه السابقين، فقد كان متوقعا على نطاق واسع بأنه فعل ذلك كجزء من صفقة مع التحالف، وبالطبع مع علي محسن.

وقد أعلنت وسائل الإعلام اليمنية الموالية لهادي وعلي محسن بأن اللواء علي محسن قد اصدر أمرا لمقاتليه بالزحف والتقدم نحو صنعاء في عملية أسميت صنعاء العروبة، لكن الهجوم لم يكن قريبا.

جبهات القتال الرئيسية حول صنعاء لم تتحرك على الأرجح لسبب ما يتمثل في أنه لم يكن بإمكان صالح ولا علي محسن إقناع قبائل طوق صنعاء السبع على الانضمام إليهم وإلى قضيتهم. وفي الأيام التي تلت مقتل صالح أحرزت القوات الجنوبية المدعومة إماراتيا تقدما على الأرض في الساحل الغربي من المخا باتجاه محافظة الحديدة المجاورة.
 
حاليا يفرض الحوثيون سيطرة غير مسبوقة على مناطق المرتفعات الجبلية في شمال اليمن لكن شعبيتهم في أوساط اليمنيين- التي تعد محدودة بالفعل- هبطت خلال حملة التطهير التي شملت مؤيدي صالح وشخصيات بارزة في المؤتمر الشعبي العام، بالإضافة الى قمع واسع للمعارضين لحكمهم في المناطق الجبلية على امتداد الساحل الغربي.
 
والأن من الممكن أن تكون هناك فرصة للواء علي محسن للقيام بشئ ما مع حلفاء الرئيس السابق صالح وربما مع أبنه المفضل احمد علي، ومن ثم التقدم نحو صنعاء للسيطرة عليها عبر اقناع قبائل الطوق بأنه (محسن) يشكل رهانهم الأفضل الذي سيعيد سنحان إلى السلطة، لكن هذه المرة بدون صالح ليتنافس معه ويناصبه العداء.

وكلما انتظر علي محسن، كلما عزز الحوثيون من قبضتهم على الشمال. وإذا سمح للقوات المدعومة إماراتيا بأخذ زمام المبادرة، ربما سيجد علي محسن أنه وحلفاؤه في الإصلاح ينظر إليهم على أنهم اقل أهمية من الحوثيين والجنوبيين الذين يعتبر كليهما محسن والإصلاح أعداء لهم.

ويخشى الكثير من المطلعين على شؤون الإصلاح من أن الدعم السعودي لعلي محسن وحلفاء آخرين للإصلاح، سيدوم فقط طيلة الحرب، التي بعدها ستعود حساسية الإمارات تجاه الإخوان المسلمين مرة أخرى لتشيكل موقف محمد بن سلمان.
 
هل سيقوم علي محسن بخطوته ؟

 كانت قصة اليمن خلال الستة أعوام الماضية مليئة بالغدر والخيانة والوعود الكاذبة، كما أنها كانت أيضا تكشف أمورا كثيرة غير مطمئنة. ففي العام 2011، لم يكن أيً من صالح أو علي محسن مستعداً للحرب بمفهومها الكلي، حيث اعتقد كلٌ منهما أن قواتهما متساوية إلى حد كبير ما يجعل انتصار احدهما كليا على الأخر امرأ مستبعدا.

في العام 2014 كان يتم كسر وإضعاف علي محسن وحلفاؤه بما فيهم آل الأحمر، الذين كان لا يزال ينظر إليهم كقوة عسكرية هامة من قبل الحوثيين في مناسبات عديدة قبل وصولهم الى ضواحي صنعاء. أما في ديسمبر فقد اعدم صالح، الذي كان لا يزال يعتبره الكثير من اليمنيين بأنه ند للحوثيين، في أقل من 48 ساعة. ووجد السعوديون، الذين كانوا يتوقعون أن تنتهي حرب اليمن خلال أسابيع من تدخلهم، أنفسهم في مأزق حقيقي.
 
 في الوقت الحالي لا تزال هناك فرصة لإحداث تغيير ما، غير ممكن حدوثها في أي بلد سوى اليمن، والكثير من أولئك الذين يدعمون علي محسن يقومون بذلك لأجل ما يحاربه، أي الحوثيين، وليس لأجل ما يمثله. أما بالنسبة لآخرين، يشكل علي محسن الخط الأخير للدفاع عن الجمهورية.

وبغض النظر عن ذلك، فإن هزيمة الحوثيين تعد أولوية قصوى للسعوديين والإماراتيين وللولايات المتحدة الأمريكية، طالما أن ضلوع إيران في الحرب اليمنية أصبح أوضح. وكلما طال أمد الحرب، كلما كان متوقعا اعتماد السعودية على اليد اليمنى للرئيس السابق.

وفي ظل الدفء الإماراتي إزاء فكرة  اللواء علي محسن، فإن عودته إلى منصب أو موقع في السلطة تصبح أكثر احتمالية، والتي ستجلب معها آخر قدامى سنحان، وفي حال حدوث ذلك سيصبح بمقدور علي محسن تحويل مكانته ونفوذه المستعادين، إلى نجاحات على أرض المعركة.
 
 
* لقراءة المادة من موقع "معهد دول الخليج العربي في واشنطن" أضغط (هنـــــــا)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر